بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
قبل بضعة أيام أقدم المجرم (جوزيف كزابا) في ولاية إلينوي على طعن طفلاً فلسطينياً مسلماً في السادسة من عمره (وديع الفيوم) 26 طعنة وأرداه قتيلا مضرجاً بدمه، وأصاب والدته (حنان شاهين) بنحو 12 طعنة، الأم التي شهدت مقتل فلذة كبدها أمام عينيها، بينما كان الجاني يهتف بصوت عال: (أنتم أيها المسلمون، يجب أن تموتوا). .
وذكرت تقارير الشرطة أن كلتا الضحيتين في هذا الهجوم الوحشي كانتا مستهدفتين من قبل الجاني بسبب كونهما مسلمين، في سياق حملة التطهير العرقي الموجهة الآن ضد سكان غزة، تلك الحملة المدعومة سياسياً وعسكرياً وإعلامياً من البلدان الغربية بلا استثناء. فكان من الطبيعي ان لا يأخذ الخبر مساحته المستحقة في النشر والتحليل، وسُجلت الجريمة تحت عناوين الاسلاموفوبيا والكراهية والانفعالات النفسية، ثم اسدلت الستارة عليها، ولم يعد يتحدث عنها أحد. لا في ديار الغرب ولا في ديار العرب. .
ترى ماذا لو كان الجاني من المسلمين ؟. وماذا لو كان المجني عليه من اليهود ؟. هل ستكون ردود الافعال مختزلة ومحدودة وخجولة بالطريقة التي تعامل بها الاعلام المنحاز بالكامل إلى الطرف الظالم ضد الطرف المظلوم. .
لو كان القاتل مسلما لخرجت اوروبا عن بكرة أبيها في الساحات والشوارع على غرار المسيرة المليونية الحاشدة التي قادها ماكرون في شوارع باريس في الحادي عشر من يناير / كانون الثاني 2015 على خلفية الاعتداء المسلح ضد صحيفة شارلي ابيدو، وشارك في المسيرة رئيس الوزراء البريطانيًديفيد كاميرون، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ورئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو، ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، ووزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف. وشارك فيها محمود عباس، والعاهل الاردني الملك عبدالله وزوجته رانيا، ورئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة، ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتن ياهو. .
كان محمود عباس يسير جنبا لجنب وخطوة بخطوة مع صديقه الحميم نتن ياهو. لكن (عباس) هذا لم يكلف نفسه إرسال برقية عزاء لاسرة الطفل المغدور (وديع)، ولم يكلف نفسه مشقة السؤال عن مصير والدته المفجوعة الجريحة. .
انظروا الآن إلى نفاق الغرب بين موقفهم من أوكرانيا وموقفهم من فلسطين، وتأييدهم المطلق لحرمان سكان غزة من أبسط مستلزمات العيش، وما إلى ذلك من أعمال ارهابية محضة. بينما خرجت رئيسة مفوضية الاتحاد الاوروبي ببيان تقول فيه: (من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها). مؤكدة ان الاتحاد الاوروبي يقف بقوة مع تل ابيب في حصارها لغزة. بل ان مجلس الأمن الدولي نفسه اعلن عن رفضه لمشروع إيقاف الهجوم الكاسح ضد سكان غزة. .