بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
استكمالا لما ورد في الحلقتين السابقتين، تحركت القوات البحرية البريطانية صوب السواحل الشرقية لحوض البحر الابيض المتوسط، وجاءت تحركاتها بالتزامن مع تحركات السفن الحربية الامريكية، وكانت سفن الدعم والاسناد اول السفن البريطانية المتمركزة في منطقة العمليات لتضييق الحصار المفروض على سكان غزة. وشملت الاستعدادات الحربية جميع الوحدات العسكرية البريطانية والطائرات المقاتلة المتمركزة في قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني في أكروتيري (Akrotiri) في قبرص، ووضعت في حالة تأهب لتوفير الدعم القتالي للجيش الاسرائيلي، وتعزيز هجومهم البري المرتقب على قطاع غزة. .
وفي هذا السياق قال رئيس الوزراء (ريشي سوناك): (إن سياسة المملكة المتحدة تقضي بدعم الجهود الرامية إلى ضمان الاستقرار الإقليمي ومنع المزيد من التصعيد، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى آلاف الضحايا الأبرياء). والمقصود بكلمة (الأبرياء) الواردة في تصريح (سوناك): هم سكان المستوطنات الاسرائيلية وحسب، اما سكان غزة فقد حكم عليهم (سوناك) و (بايدن) بالحصار والقصف وتدمير بيوتهم فوق رؤوسهم، وحرمانهم من أبسط مستلزمات العيش. وهذا يعني ان كلمة (الاستقرار الإقليمي) التي وردت أيضاً في كلمته: تعني استقرار إسرائيل وذلك بالقضاء على ما تبقى من سكان غزة وإبادتهم بلا رحمة. .
يجري التنسيق القتالي الآن بين السفن الحربية البريطانية وحاملات الطائرات الامريكية، والسفن الحربية العملاقة التي توافدت على مسرح العمليات. قادمة من ايطاليا وفرنسا وألمانيا بذريعة التصدي لأي جهة تسعى إلى تصعيد الأوضاع). .
تجدر الاشارة ان السفن الحربية البريطانية المتمركزة الآن في المياه الاسرائيلية، هي: سفينة الدعم اللوجستي RFA Lyme Bay، وسفينة الطوارئ الطبية RFA Argus، والتي تبلغ سعتها 100 سرير. وقالت وزارة الدفاع البريطانية: إن هذه المناورات البحرية عبارة عن إجراء طارئ لدعم الجهود الإنسانية (لاحظ انها إنسانية في التعامل مع الطرف المتفوق حربيا ضد الطرف الواقع تحت الحصار والدمار). .
ولدى بريطانيا بالفعل سفينتان حربيتان في المنطقة، هي السفينة: HMS Duncan، المكلفة بمرافقة سفن حلف شمال الأطلسي في شرق البحر الأبيض المتوسط، ولديهم السفينة: HMS Lancaster، وهي جزء من الوجود البحري الدائم للمملكة المتحدة في الخليج العربي. .
وتسعى القوى الغربية الآن لنشر ما لا يقل عن 12 نظاماً جوياً دفاعياً في العديد من البلدان في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وذلك تمهيدا للاجتياح البري لقطاع غزة. وهناك بطاريات دفاعية على ارتفاعات عالية (ثاد) للاستخدام ضد الصواريخ الباليستية في طريقها حالياً إلى المملكة العربية السعودية من قاعدة فورت بليس بولاية تكساس، بينما ما لا يقل عن 11 نظاماً لصواريخ أرض جو من طراز إم آي إم-104 باتريوت من فورت ليبرتي. تتجه من كارولينا وفورت سيل، أوكلاهوما إلى مواقع في الكويت والأردن والعراق والمملكة العربية السعودية وقطر. وبكثافة نارية وتدميرية لا تخطر على البال من اجل انزال العقاب الجماعي ضد سكان غزة. .
اغلب الظن ان هذه الحشود البحرية المكثفة والسفن المزدحمة في رقعة صغيرة جدا ستخلق حالة من التخبط فيما بينها، بسبب كثافتها وتقاطعها وتداخلها مع بعضها البعض. وربما تغرق نفسها بنفسها، أو تصبح هدفا سهلاً لصغار الصيادين. ومن غير المستبعد ان تشهد المنطقة معركة بحرية حامية الوطيس في قادم الأيام. .
وسوف نواصل الحديث عن الحشود البحرية الدولية المتربصة بقطاع غزة في الحلقات القادمة ان شاء الله. .