بقلم:د. كمال فتاح حيدر ..
لا يحق لأي دولة أن تنتهك بنود القانون الدولي، ولا يحق لها استهداف المدنيين. ومع ذلك قفزت إسرائيل وحدها فوق الموانع والحواجز والقيم والمبادئ، وتجاوزتها كلها أمام أنظار الكون كله، بينما ظلت المنظمات الدولية تلوذ بالصمت المطبق، في حين كثفت بلدان القارة الأوروبية وقارة امريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) من حشودها البحرية حول غزة لنسف الأرض تحت أقدام سكانها، وذلك نزولا عند الرغبات الصهيونية. .
فالعالم كله يرى في إسرائيل أمة استثنائية لها الحق في ارتكاب ما يحلو لها من جرائم ومجازر ضد بقية الشعوب والأمم، وبالتالي هي غير مشمولة باللوائح والتشريعات الإنسانية، وبات واضحاً ان اوروبا وامريكا أصبحت على قناعة تامة: ان إسرائيل هي الحاضنة التوراتية لشعب (الله المختار). وهذا يفسر استنفار جيوشها واساطيلها، وتجمعها بهذه الكثافة غير المسبوقة قبالة السواحل الفلسطينية لتنفيذ المهمات التوراتية، وإنزال ابشع العقوبات ضد شعب أعزل لا حول له ولا قوة. .
هذا هو الافساد في الأرض، وهذا هو الإرهاب الدولي المروّع. وقد ذكرنا في الحلقات السابقة كيف كانت الأساطيل الأمريكية والبريطانية في طليعة القوات المتربصة بقطاع غزة. ثم نشرت برلين سفنها الحربية قبالة الساحل اللبناني، وعززت وجودها الحربي في مقر بعثة اليونيفيل جنوب لبنان. وتعهد وزير دفاعها (بوريس بيستوريوس) بدعم برلين لإسرائيل في حربها ضد سكان غزة. ثم ذهب مهرولاً للقاء وزير الدفاع الإسرائيلي (يوآف جالانت). فقال له: (ليس هناك أدنى شك يا سيدي يوآف، بأننا سندعمك بكل ما يتوفر لدينا من سلاح فتاك). وقال أيضاً: (إن ألمانيا تقف بكل قوتها إلى جانب إسرائيل، وإلى جانب شعبها)، مكررا رسالة التضامن التي نقلها المستشار الألماني (أولاف شولتس) خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل. وهكذا قامت ألمانيا بتجهيز إسرائيل بالذخيرة لسفنها الحربية، وارسلت لها طائرات بدون طيار من طراز هيرون. .
لم يشهد التاريخ حرباً ضارية اشتركت فيها بلدان قارة أوروبا كلها وقارة أمريكا الشمالية في مجزرة دامية ضد قرية صغيرة اسمها (غزة). وضد شعب لا غطاء جوي يحميه، ولا ملاذ بين الخرائب يؤيه، حتى المستشفيات والصيدليات وسيارات الاسعاف والمخابز والافران ومحطات الوقود وخزانات المياه، والاسواق والدكاكين لم تسلم من التدمير الممنهج لتأمين حق إسرائيل في إبادة سكان غزة عن بكرة أبيهم. .
وسوف نواصل حديثنا عن هذه الحشود البحرية والبرية والجوية التي أطبقت الآن على غزة من كل حدب وصوب. .
والله المستعان واليه المشتكى. . .