بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كلما رأت عصابات النتن مجموعة من النازحين هربا من القصف العشوائي في غزة، اختارت منهم عينات من الشباب. تترواح أعمارهم بين 15 – 25، وساقتهم أمامها كما العبيد. عراة جياع حفاة ليس ما يرتدونه سوى ما يستر عوراتهم. ثم يقتادونهم مكبلي اليدين معصوبي العينين، يسوقونهم نحو المعتقلات المفتوحة في العراء وسط صحراء النقب. .
كان هذا مصير المئات من شباب غزة. لم يتسن لأحد معرفة مصيرهم لو لم تنشر صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية بعض البيانات المرتبطة بأوضاعهم المأساوية. .
كلهم مقيدون الآن بالسلاسل في ظروف قاهرة يصعب تحملها، حيث البرد والجوع والتعذيب العنيف لانتزاع الاعترافات منهم، حتى استشهد عدد غير قليل منهم، في معتقلات يشرف عليها جيش الاحتلال قرب بئر السبع، أو في قاعدة (سدي تيمان) العسكرية، أو في معتقلات مفتوحة آخرى وسط الصحراء. واعتقلت عصابات الاحتلال أيضاً بعض النساء والفتيات القاصرات، اللواتي زج بهن في معتقل داخل قاعدة (عناتوت) العسكرية قرب القدس المحتلة. .
وقد اعترفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي اكثر من مرة أنها تحتجز أغلبية عمال غزة في معسكر (عناتوت)، دون محاكمة، ودون تمثيل قانوني. وأصبح العمال رهن الاعتقال، من دون الإشارة إلى أعدادهم وأسماءهم. .
إذا كانت هذه هي الصورة المؤلمة التي توصلنا اليها من خلال البحث على صفحات الصحف الاسرائيلية التي لا تريد التشهير بجيش الاحتلال، ولا تريد تشويه صورة النتن والطعن بسياسته، فما بالك بالصورة الحقيقية التي لا يعلم بها إلا الله ؟. وكيف السبيل للتعرف على معاناتهم في ظل التعتيم الذي يفرضه عليهم ارجوز التنسيق الأمني مع اسرائيل (محمود عباس). وفي ظل السبات الذي تغط فيه جامعة ابو الغيط. وفي ظل الصمت الذي تلوذ به بعض الفضائيات العربية، التي تغافلت وتجاهلت هذه الكارثة الإنسانية منذ زمن بعيد، ولم تعد تكترث بمصير المحتجزين في غزة ؟. ومن ذا الذي يستطيع الوصول إلى معتقلات (عناتوت) لتحريرهم من قبضة مجرمي الحرب ؟. .
المثير للدهشة ان صحيفة (هآرتس) أطلقت أسم: (غوانتنامو الجديدة) على تلك المعتقلات، وهي التي رصدت الانتهاكات اللا إنسانية التي يرتكبها جنود النتن هناك. عسى أن تنهض هيئة شؤون الاسرى أو نادي الأسير للقيام بتقصي الحقائق وتحرير الأبرياء. .