بقلم: كمال فتاح حيدر ..
انطلقت الشرارة الأولى من مضيق باب المندب لتقطع الطريق على السفن التجارية الاسرائيلية والسفن الاخرى المتوجهة إلى موانئ اسرائيل، وذلك تضامنا مع سكان غزة الذين يتعرضون للإبادة الجماعية. .
بدا الأمر اشبه بمزحة لكنها كانت من العيار الثقيل، ثم تحول المزاح إلى واقع محفوف بالمخاطر، يهدد خطوط الشحن الدولية، وينذر بتعطيل حركة الملاحة في حوض البحر الأحمر، فقررت امريكا تشكيل قوة بحرية دولية قادرة على التصدي لصواريخ الحوثيين، ولم تمض بضعة أيام حتى تعرضت سفينة لهجوم بطائرات مسيرة أثناء إبحارها في المحيط الهندي على بعد 2622 كيلومترا من باب المندب، وعلى مسافة 370 كيلومترا من مرفأ (فيرافال) الواقع على ساحل الهند. كانت السفينة تحمل علم ليبيريا لكن ملكيتها تعود لرجال اعمال اسرائيليين. وهذا يعني ان الطائرة المسيرة لم تنطلق من اليمن، وان رقعة اقتناص السفن اتسعت وتعمقت وانتقلت من البحر الأحمر إلى خليج عدن، ثم إلى بحر العرب فخليج عمان، حتى توغلت داخل متاهات المحيط الهندي، في أماكن بعيدة جداً جداً عن سواحل غزة، وبعيدة عن السواحل العربية والإيرانية والأفريقية، فالمسافة الجوية بين غزة ومرفأ (فيرافال) تقدر بنحو 3748 كيلومترا. وهذا يعني ان المسيرات انطلقت هذه المرة من سفن تجارية مموهة تجوب البحار والمحيطات، وربما تكون مكلفة بمهمة متابعة السفن المرصودة، واصطيادها مهما بعدت المسافات عن اليابسة. في صورة تعيد إلى الأذهان أساليب الخداع الذي كان يمارسه قائد البارجة الألمانية (بيسمارك) في الحرب العالمية الثانية، ونجاحه في اغراق عشرات السفن التجارية البريطانية والأمريكية. .
الحرب خدعة، فمثلما كانت البارجة (بيسمارك) تغير شكلها الخارجي من وقت لآخر لتبدو كسفينة تجارية مسالمة، بات من غير المستبعد في الوقت الحاضر ان تقوم السفن التجارية بدور السفن الحربية، وبات من غير المستبعد اشتركها في تلغيم المضائق الأستراتيجية والممرات الدولية. فقد تغيرت معايير الخطط التعبوية في عرض البحر. واصبحت كل الاحتمالات واردة. .
وللحديث بقية. .