بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اغرب ما انفردت به لائحة الدعوى المقدمة إلى محكمة العدل الدولية حول الانتهاكات الصهيونبة لحقوق الإنسان. أنها:
- لم تأت من دولة عربية. .
- ولا من دولة اسلامية. .
- ولا من منظمة الجامعة العربية. .
- ولا من السلطة الفلسطينية التي يقودها (عباس احمونا). .
بل جاءت من دولة جنوب أفريقيا التي تبعد 7000 كيلومترا عن غزة. اما الأغرب من ذلك كله فهو ان النظام الصهيونى المتهم بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية استعان بخطاب أحمد أبو الغيط الذي يتهم فيه المقاومة بالارهاب. .
رفعت جنوب أفريقيا دعواها أمام المحكمة العليا للأمم المتحدة، واتهمت فيها الحملة العسكرية الإسرائيلية بقتل الأطفال والنساء وتنفيذ مجازر بشرية ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. وهذا يعني ان اسرائيل ستجد نفسها في موقف محفوف بالمخاطر العالية أمام لجنة من القضاة في قاعة المحكمة. .
جاء في لائحة الدعوى: إن الأضرار التي ألحقتها الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد غزة منذ 7 أكتوبر تشكل أعمال إبادة جماعية. حيث قتلت إسرائيل ما يزيد عن 21,110 فلسطينياً، من بينهم أكثر من 7,729 طفلاً، وفقدان أكثر من 7,780 آخرين، يُفترض أنهم ماتوا تحت الأنقاض، وإصابة أكثر من 55,243 فلسطينياً آخرين، وقتل أكثر من 110 صحفياً، وتدمير مناطق شاسعة، بما في ذلك أحياء بأكملها، وألحقت أضرارا أو دمرت ما يزيد عن 355 ألف منزلاً فلسطينياً. .
وان العمليات الحربية التي نفذتها اسرائيل حتى الآن تشكل انتهاكا صارخا لبنود القانون الدولي. وبالتالي فان هذه الدعوى تسلط الأضواء على الجرائم الصهيونية. .
اللافت للنظر ان الحيثيات التي استعرضتها جنوب أفريقيا لم تستند فيها إلى أي مصدر فلسطيني أو عربي. ولم تستشهد بما عرضته الفضائيات المناصرة لغزة. إنما استعانت بتقارير المنظمات الدولية المحايدة، واستشهدت ايضاً بمواقف المعارضة الاسرائيلية، بضمنها اعترافات النخبة السياسية في الداخل الاسرائيلي. وجميع هذه الاعترافات موثقة بالصوت والصورة وبما لا يترك أي ثغرة للإفلات من العقوبات الدولية. وسوف يدرك العالم كله ان ما جرى في غزة يفوق كل التصورات. فالأوصاف التي وردت في لائحة الدعوى تفوق كل الجرائم التي استنكرها المجتمع الدولي. .
تتضمن الدعوى شقين: - الشق الأول: وهو شق مستعجل ولا يحتمل التأجيل. يقضي بوجوب تعليق الغارات والهجمات ضد غزة، والاسراع برفع الحصار عنها. والسماح بدخول لجان التحقيق الدولية. .
- الشق الثاني: وهو موضوعي تتخلله مرافعات ومناقشات وربما يستغرق مدة طويلة قبل الوصول إلى القرار النهائي. .
يقول الكاتب الأمريكي كريس هيدر: (عندما يتمرد علينا الرازحون تحت الاحتلال، ويحملون أسلحة المقاومة، فإننا نسقط كل ادعاء بمهمتنا الحضارية، ونطلق العنان لعربدة الذبح والدمار، فنسكر بكؤوس العنف، ونقتل بشراهة متهورة بذريعة القضاء على الارهاب، ونفضح اكذوبة تفوقنا الأخلاقي المتبجح، ونكشف الحقيقة الجوهرية لحضارتنا المتعطشة للدماء. . نحن القتلة الأقسى والأكفأ في كوكب الأرض، وهذا يفسر أسباب هيمنتنا على المستضعفين، فعملياتنا الحربية لا علاقة لها بالديمقراطية ولا بالتحرر، ولا ننوي أبداً منحها للمستضعفين في الأرض. فالشرف والرحمة والعدالة والحرية افكار لا وجود لها في عقيدتنا). .
ختاماً: في الوقت الذي نتقدم فيه إلى جمهورية جنوب أفريقيا شعبا وحكومة لموقفهم المشرف مع الشعب الفلسطيني، وسعيهم الحثيث لإدانة الكيان الغاصب ومقاضاته ومنعه من الإفلات من العقاب. يحز في انفسنا ان تصاب ضمائر الحكومات العربية والإسلامية بالشلل التام. .