بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اغرب ما قاله الناطق الرسمي باسم جنود العدو: إنهم عثروا على فردة حذاء قديمة تعود ليحيى السنوار، من دون ان يحدد الناطق فيما إذا كانت الفردة للقدم اليمين أم لقدمه الشمال ؟. وعثروا أيضاً على صورة فوتوغرافية قديمة لمحمد الضيف وهو يمسك حزمة صغيرة من الدولارات من فئة (واحد دولار). .
هذه هي اسرائيل التي غلبت في حرب الـ 67 ثلاثة جيوش في ستة أيام فقط، واضافت الى أراضيها مساحات شاسعة استقطعتها من ثلاث دول عربية تساوي ثلاثة أضعاف الأرض المحتلة وقتذاك. لكنها تقف اليوم حائرة عاجزة منكسرة أمام صلابة فتية آمنوا بربهم. وتقف مذهولة امام صمود شعب وقع عليه الحصار والدمار، وخذلته العرب العاربة والعرب المستعربة. ومع ذلك استطاعت المقاومة ان تلقن جيوش العدو ومرتزقته دروساً لن ينسوها أبدا، على الرغم من كل الأساطيل التي جاءت لنجدتهم. .
اما أدق الاعترافات التي سمعتها اليوم عن الخسائر التي تكبدها العدو، فقد جاءت على لسان المحلل السياسي (ناحوم بارنياع) في صحيفة يديعوت أحرونوت، بقوله: (لقد سقطت إسرائيل في حفرة عميقة يتعذر الخروج منها، وبات من الصعب إعادة المخطوفين واستعادة الأمن والإحساس بالأمان لسكان الجنوب والشمال). .
وقال أيضاً: (لم تقدم لنا الحرب أي انتصار، بل تزايدت الاحتمالات بموت المختطفين داخل انفاق غزة، وسوف يكون موتهم وصمة عار في جبين المجتمع الإسرائيلي. وان استمرار سيطرة السنوار في غزة هزيمة كاملة لإسرائيل). .
ويرى المحللون أن رئيس الوزراء بنيامين نتياهو اقحم نفسه في حرب لا نهاية لها، وان حديث كبار السياسيين عن انتصاراتهم على رجال المقاومة لا يعكس الحقيقة ويتقاطع تماما مع واقع الحال. .
وبالتالي فأن الحرب الجارية لن تغير الواقع. بل تزيد من احتمالات وقوع كوارث إنسانية ستكون إسرائيل هي المسؤولة عنها، وتضر بسمعتها ومستقبلها، ولن تستطيع القضاء على المقاومة حتى لو تم القضاء على السنوار أو محمد ضيف أو كليهما (لا سمح الله)، وسوف لن تتغير نتائج الحرب، وستجد اسرائيل نفسها أمام دفعات جديدة من سرايا المقاومة وقادتها. فالشرط الذي وضعه السنوار لإطلاق سراح المختطفين لا يتعلق فقط بالوقف الكامل للحرب وإطلاق سراح آلاف الفلسطينيين من السجون، بل فيه ضمانات لاستمرار حكم السنوار في القطاع. . وتمثل هذه الشروط هزيمة لا توصف لإسرائيل، فالسنوار زعيم لا يستهان به، وهو واثق جداً من قدراته القيادية، ويصر الآن على عدم الانخراط في أي مفاوضات مع إسرائيل بشأن التوصل لاتفاق لتبادل الأسرى، إلا بعد تحقيق وقفاً كاملاً لإطلاق النار. .
ثم جاء اغتيال نائب رئيس مكتب حماس (الشيخ صالح العاروري) بالضاحية الجنوبية لبيروت ليزيد الأمور تعقيدا وتدهوراً، فقد تسبب استشهاده بتجميد التفاوض لوقف إطلاق النار في غزة أو لإنجاز صفقة تبادل الأسرى. .
ختاماً: لقد وصلت تكلفة الحرب حتى الآن إلى نحو 217 مليار شيكل (59.35 مليار دولار)، شملت الميزانية القتالية للجيش، والمساعدات الواسعة للاقتصاد في جميع المجالات. وسوف تواصل اسرائيل خسائرها بسبب رعونة نتنياهو واصراره على مواصلة الحرب حتى النهاية. .