بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كان من المتوقع ان يستمر السيسي في خنق الرئة الوحيدة التي تتنفس منها غزة والمتمثلة بمعبر رفح، وكان من الطبيعي ان يواصل ملك البندورة حصاره على غزة، ولكن لم يكن من المتوقع أبدا تعليق عمل (الأونروا) ومنع مساعداتها الإنسانية، فقد توحدت جهود العالم العربي والعالم الغربي في حجب المساعدات الإنسانية، بينما اشتركوا كلهم في تعزيز ترسانة الكيان بأسلحة الفتك والدمار لإبادة شعب أعزل. في حين لاذت المؤسسات الإعلامية والدينية ومنظمات المجتمع المدني بالصمت المطبق. .
وبات من المؤكد ان وقف مساعدات (الأونروا) يعني كسر صمود اهلنا بسلاح الجوع، والانتقام منهم بهذه الأساليب اللاإنسانية، حيث لا منفذ للنزوح والمغادرة عبر الجدران الموصدة والنيران الملتهبة. .
لقد تدخل الحوثيون إنسانياً في مضيق باب المندب من أجل وقف المجزرة في غزة، فالحوثيون لم يقتلوا أحداً، واقتصرت مهمتهم على منع السفن المكلفة بتقديم المساعدات للمجرمين والارهابيين، الذين قتلوا حتى الان اكثر من 25000 مدنياً، بينهم اكثر من عشرة آلاف طفلاً، لكن الولايات المتحدة ومعها بريطانيا لم تهاجما إسرائيل، وانما استهدفتا المدن اليمنية، ذلك لأنهما يدعمان المذبحة، ويمولان حملات الإبادة، وعلى أتم الاستعداد لقتل الناس من أجل تأمين سلاسل توريد الدعم اللوجستي إلى الكيان المحتل، وهي نفسها التي شاركت بقتل الأبرياء في أماكن متفرقة من العالم منعاً لوصول البضائع إلى اليمن الواقعة تحت الحصار، ولن يتغير موقف الاتحاد الأوروبي ومنظماته من التضامن مع الصهاينة مهما ارتكب الصهاينة من انتهاكات لحقوق الإنسان. وهم الآن يهددون البلدان المانحة، ويطالبونها بايقاف تمويل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، على الرغم من ان الوكالة تمثل شريان الحياة لأكثر من 5.5 ملايين لاجئ فلسطيني. فكانت النتيجة انسحاب معظم الدول المانحة قبل ظهور نتائج التحقيق حيال الاتهامات الاسرائيلية المفتعلة، فهبطت مؤشرات التمويل إلى حوالي 56% من الميزانية الكلية للأونروا. بينما استمرّت كل من مصر والأردن بمواصلة الحصار المشدد ضد سكان غزة، واكتفت البلدان العربية والإسلامية الأخرى بالوقوف على التل، اما المساعدات الضئيلة التي ترسلها البلدان الخليجية إلى غزة عن طريق مصر، فيجري الاستحواذ عليها ومصادرتها وبيعها في متاجر القاهرة. ولا جدوى من مسائلة (سامح شكري) صاحب نظرية: (من لم تعجبه سياستنا فليذهب إلى معبر آخر). .
تقول زعيمة حركة الاستيطان (دانييلا فايز): سوف نرغم العرب كلهم على الرحيل والمغادرة عن طريق حملات القتل والتجويع والتعطيش). .فهل يستطيع ابو الغيط اتهامها بالارهاب ؟، وهل تستطيع مستشارة ملك الأردن (سيما بخوّص) ان توجه لها أصابع الاتهام ؟. . وبالتزامن مع تعليق المفوضية الأوروبية تمويلها للأونروا قصف الطائرات الاسرائيلية مستشفى العودة. فالعالم الغربي يغرق الآن في الإبادة الجماعية. هذا مقزز. .
كلمة اخيرة: ليس البلية في أيامنا عجبا بل السلامة فيها أعجب العجب. .