بقلم: كمال فتاح حيدر ..
عندما ترى الكيان الصهيوني يبحث مع البيت الابيض عن هدنة في الشرق الاوسط، فأعلم ان تحركاتهم لا تعني انهم خسروا المعركة وانما هنالك شيء آخر يدبرونه في الخفاء، ويعدون العدة لعمل شيطاني خارج حدود غزة، فقد كانت قواعدهم المنتشرة في الشرق الأوسط متهيئة للمشاركة في الهجوم البري الإسرائيلي ضد غزة، ومستعدة لدعم تل أبيب في أعقاب عملية طوفان الأقصى. وهي الآن تتحين الفرص لافتعال مواجهات حربية واسعة النطاق في توقيت يسبق انتخاباتهم الرئاسية، وربما يرتكبون حماقة أخرى تحرق الأخضر واليابس، وتهدد استقرار المنطقة، وتقلب عاليها سافلها، فإن وقعت تلك المواجهات (لا سمح الله) فستكون حرباً شاملة دفاعاً عن إسرائيل، وحفاظاً على كيانها الاجرامي المهزوم المهزوز، وهذا ما اكدته التحركات التي نشهدها الآن في البحر الأحمر، وفي خليج عدن، وخليج عمان، وفي القواعد الأمريكية المنتشرة فوق الارض الأردنية، وما رافقها من تصعيدات مقصودة توحي بما لا يقبل التأويل ان الحرب باتت وشيكة الوقوع. .
تشير التقارير ان قادة البنتاغون لن يترددوا هذه المرة من تفجير قنبلتهم الذرية فوق مدن الشرق الأوسط للتعبير عن نزعاتهم الانتقامية العدوانية المبيتة ضد شعوب المنطقة، وربما جاءت توقيتات تنافس السفهاء على سدة الرئاسة الأمريكية بين المعتوه بايدن والطائش ترامب لتعكس صورة الرغبات المكبوتة لإحياء إمبراطوريتهم المشرفة على الزوال. حيث لم يبق لديهم ما يخسرونه بعد تعرضهم لأشرس الخسائر في أوكرانيا وفي بحر الصين. وبعدما تكررت هزائمهم وهفواتهم وعثراتهم الأخلاقية. .
لقد أدركت الولايات المتحدة انها لن تقدر على هزيمة المقاومة في غزة، ولن تستطيع الصمود بوجه المقاومة في جنوب لبنان، وفشلت منذ عام 2014 في دحر الحوثيين، وهي الآن تتعرض لضرباتهم الصاروخية الموجعة. فالحوثيون لديهم من الملاجئ والكهوف والملاذات الطبيعية ما يجنبهم شر الغارات الجوية مهما بلغت ضراوتها، بل ان تدخل الأسطول الأمريكي تسبب في غلق قناة السويس بوجه سفن امريكا وأخواتها بينما ظلت السفن التجارية الروسية والصينية تتحرك بمنتهى الحرية في الذهاب والإياب، وهذا يعني استنزاف الوقت والمال في حسابات الاقتصاد الأوروبي والاسرائيلي وفي مضمار التعامل مع سفنهم المرغمة على الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح. وقد وصل بهم الغباء الآن إلى افتعال المشاكل مع حكومة السيسي المتعاونة معهم حتى النخاع، فالنصر الذي يبحثون عنه الآن يقضي ببسط نفوذهم على سيناء كلها، وذلك من خلال سيناريو متفق عليه بين التابع والمتبوع. .
شيء آخر: باستطاعة العالم الأوروبي ان ينهي فصول هذه المهزلة، ويتجنب مآسي الحرب العالمية الثالثة بتلفون واحد من بايدن يأمر نتنياهو بوقف إطلاق النار في غزة، والانسحاب منها، وفتح بوابات المعابر التي اغلقها السيسي، وساعده في ذلك ملك الأردن. والاعتراف بالدولة الفلسطينية الحرة المستقلة. لبناء دولة يقرر مصيرها الشعب الفلسطيني نفسه. من دون وصاية من احد، ومن دون تدخل محمود عباس وحاشيته. .