بقلم: كمال فتاح حيدر ..
مما لا ريب فيه ان الدعم السخي الذي يقدمه العراق إلى الأردن افضل واكثر ملايين المرات من الدعم الذي يوفره لها محور الشر، ومع ذلك سجلت ذاكرة الجوار محطات متعاقبة تشوبها الريبة، فأضحى العراق بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى تقييم علاقته الدبلوماسية مع الأردن خصوصا بعد اشتراك طائرات F-16 تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني في القصف الجوي الذي تقوده الولايات المتحدة هذه الايام ضد أهداف عراقية، وهي مشاركة غير مستبعدة، وتأتي ضمن النشاط الاردني المتواصل في قصف القرى السورية القريبة من الحدود بذريعة قطع إمدادات الأسلحة المهربة إلى المقاومة. فالذي يقصف سوريا لا مانع لديه من قصف العراق، آخذين بعين الإعتبار ان الدور الأردني يقتصر في المرحلة الراهنة على إبداء فروض الطاعة والولاء إلى الولايات المتحدة، ومواصلة الحصار على غزة، وتسهيل حركة الشاحنات المكلفة بالدعم اللوجستي لتغطية احتياجات حكومة الاحتلال. .
ولو عدنا قليلا إلى الوراء لوجدنا ان معظم عناصر الدواعش في العراق تسللوا من الاردن عن طريق الثغرات الحدودية المنتشرة بين معبر طريبيل والقاعدة T22. والتي كان فيها ابو مصعب الزرقاوي (أحمد الخلايلة) من اخطر المجرمين الأردنيين المتورطين في تفجيرات الأسواق والمؤسسات العراقية. .
لقد ظهرت ملامح التغيير جلية في سلوك القيادة الأردنية بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى، وبالتالي فأن مرحلة الدلال الذي تعيشه الأردن في كنف العراق شارفت على الانتهاء. .
فقد تسببت التقلبات السياسية المتمخضة عن حصار غزة والحرب عليها في تعميق خنادق التنافر والتباعد بين العراق الذي يقف (حكومة وشعبا) إلى جانب غزة، وبين المملكة الأردنية التي يقف مليكها وحاشيته فقط مع إسرائيل وحليفتها أمريكا وتابعتها بريطانيا. ثم جاءت الغارات الانتقامية التي شنتها الطائرات الاميركية على مواقع منتخبة داخل الأراضي العراقية رداً على الهجوم الذي استهدف القاعدة T22 الواقعة داخل الأراضي الأردنية. .
من هنا يتعين على الحكومة العراقية اعادة تقييم علاقتها مع الأردن في ضوء الاختلافات المتجذرة بين البلدين، وفي ضوء تراكمات المنغصات المتكررة. وفي ضوء المعاناة السيئة التي يواجهها المسافر العراقي في مطار الملكة عالية. .
ويتعين على مجلس الوزراء ان يباشر منذ الآن بإلغاء التسهيلات السخية التي قدمها رئيس الوزراء السابق (مصطفى الكاظمي) على طبق من ذهب إلى الحكومة الأردنية وتضمنت إعفاء المنتجات الزراعية والصناعية المصدرة إلى العراق من الرسوم الجمركية في منفذ طريبيل وفي المطارات العراقية. .
مما لا ريب فيه ان الحكومة الأردنية هي التي جنت على نفسها عندما اختارت السير في الاتجاهات المعاكسة البعيدة جدا عن العراق، وهي التي قادت حملات التنافر والتجافي مع الشعب العراقي من دون مراعاة للروابط القومية والأخوية، ومن دون احترام لمشاعرنا ومشاعر اشقاءنا في الارض المحتلة. .
وبالتالي فان الأمر منوط بالبرلمان العراقي، وبالقيادة العراقية التي يتعين عليها ان تضع مصلحتها الوطنية فوق المصالح الأمريكية في الأردن. .
ولات حين مندم. . .