بقلم: كمال فتاح حيدر ..
بلغ تعداد الهاربين من منغصات العيش في الارض المحتلة اكثر من 500,000 منذ السابع من أكتوبر الماضي، وشهد عدد المستوطنين الذين تقدموا بطلبات للحصول على جوازات سفر أجنبية ارتفاعاً ملحوظاً قبل الحرب بسبب تزايد الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي. ثم جاءت العمليات الحربية في المستوطنات القريبة من شمال غزة، والعمليات الحربية في المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية. لترفع معدلات الهروب إلى معدلات تهدد المجتمع الاسرائيلي برمته، وتنسف معايير الامن والاستقرار، وأكدت البيانات الصادرة عن هيئة السكان والهجرة على فرار ما يقرب من نصف مليون إسرائيلي. وذكرت التقارير الاحصائية مغادرة حوالي 470 ألف إسرائيلي تسربوا عبر المنافذ البحرية والجوية والبرية مع الأردن، وليس هنالك أي مؤشر على احتمال عودتهم. .
وهنالك بعض التقارير التي تشير إلى انخفاض كبير بنحو 70%، في عدد اليهود المهاجرين إلى إسرائيل. .
ففي يوم الطوفان الكبير هرع المئات منهم إلى المطارات في جميع أنحاء إسرائيل في موجة هروب عارمة. في حين تسببت الزيادة في تعداد قتلى الحرب بعودة الخوف القديم إلى النفوس المرعوبة، فاشتركت هذه العوامل كلها في النزوح الجماعي لليهود، والذي نطلق عليه (الهجرة الجماعية العكسية) وتداعياتها النفسية والأمنية والسياسية. واظهرت استطلاعات الرأي العام ان 80% من الإسرائيليين يحملون نتنياهو مسؤولية إرتكاب سلسلة لا حصر لها من الأخطاء والهفوات والعثرات والإخفاقات المتكررة، فأصبحت الأوضاع أكثر قتامة من ذي قبل، حيث دمرت الحرب الاقتصاد الاسرائيلي، واغلقت الشركات الكبرى أبوابها، واختارت بعض الشركات العمل بطاقة 20 بالمائة من طاقمها. فواجهت معظمها خسائر في الإيرادات تتجاوز 50 %. وتتحمل المناطق الجنوبية والشمالية الأقرب إلى غزة والأقرب إلى لبنان العبء الأكبر، حيث أن ثلثي الشركات إما مغلقة أو تعمل بالحد الأدنى. ما أدّى الى تسريح 764.000 مواطن من وظائفهم، بسبب عمليات الإخلاء والإجلاء والتجنيد الإلزامي، وإغلاق المدارس التي تتطلب مسؤوليات رعاية الأطفال. .
لقد اعتادت إسرائيل على خوض الحروب السريعة والمعارك الخاطفة التي كانت تنتهي في الغالب لصالحها، ولم يخطر على بال نتنياهو ولا على البال الذين خلفوه انه سوف يتلقى الركلات والصفعات، وسوف تلاحقه الخسائر واللعنات، بسبب حربه العدوانية العشوائية على غزة. .
فالناس بطبيعيتها (كل الناس بصرف النظر عن قومياتهم ودياناتهم) يبحثون عن الامن والامان في كل مكان، وليس لديهم الاستعداد للعيش تحت وطأة القصف والموت والحرمان والمطاردة. فقد تحولت اسرائيل كلها إلى ثكنة عسكرية في حالة تأهب قصوى لمواجهة الكوارث المتلاحقة، ولم تعد فيها رقعة واحدة آمنة، فغادرها المغادرون، وتركها النازحون. .