بقلم: كمال فتاح حيدر ..
وصلت حملات تضليل الرأي العام والتشويش عليه إلى محطات مظلمة يتعذر فيها التفريق بين الخيط الأبيض والخيط الأسود. فالخبر الذي نشرته القيادة الأمريكية الوسطى قبل بضعة أيام. يقول: (ان السفينة Star Iris التابعة لجزر مارشال تعرضت لقصف مباشر بصاروخين من قبل الحوثيين في الساعة الثالثة والنصف بعد منتصف ليلة 12 من هذا الشهر (فبراير 2024) أثناء مرورها في مضيق باب المندب، وكانت قادمة من البرازيل في طريقها إلى ميناء (بندر امام) الإيراني، وعلى متنها شحنة من الذرة الصفراء). .
أي بما يوحي:
- ان الحوثيين استخدموا صواريخ إيرانية الصنع في قصف سفينة متوجهة إلى ايران وليست إلى إسرائيل. وهذا الخبر تناقلته وكالات الأنباء العربية والأوروبية. .
- وإنهم يقطعون الطريق على السفن كلها حتى لو كانت متوجهة إلى إيران. .
- وحتى لو كان خط سيرها خارج نطاق الموانئ الإسرائيلية. .
ثم جاء التوضيح الاول بهذه الصيغة التي نشرتها وكالة رويتر عن مسؤول أمني إقليمي. قال فيه: (إن القصف يراد منه إظهار أن إيران لا تسيطر على الحوثيين وأنهم يتصرفون بشكل مستقل). وأشار هذا المسؤول الأمني أيضاً إلى أن الحوثيين أبلغوا طهران سلفا بهذا الهجوم. .
وهنا لابد من طرح التساؤلات التالية: بماذا ابلغوهم ؟. ولماذا قرر الحوثيون قصف السفينة بعد الابلاغ عن وجهتها ؟. .
وبالتالي لدينا اكثر من علامة استفهام ظلت تحوم حول هذا الخبر الذي يكتنفه الغموض، ثم تبين لنا ان السفينة لم تكن متوجهة إلى إيران، وأنها تلاعبت بإعدادات نظام التعريف الآلي AIS لكي تفلت من القصف. لكن الحوثيين كانوا أذكى من ربانها وطاقمها، وهذا يفسر اسباب اتصالهم بالموانئ الإيرانية للتأكد من صحة البيانات المعروضة على شاشات اجهزة السفينة. .
يبدو ان هذه اللعبة لم تنته عند هذه النقطة، ففي جعبة القيادة الامريكية الكثير من السيناريوهات الماكرة التي ستغرق المنطقة كلها بكوارث يصعب التكهن بنتائجها وتداعياتها. .