بقلم: كمال فتاح حيدر ..
شهدت حقبة الستينيات حالة من التنافر السياسي المعلن بين نظام جمال عبد الناصر ونظام عبد الكريم قاسم في الزمن الذي كانت فيه إذاعة صوت العرب هي البوق الذى ينفخ فيه المذيع (أحمد سعيد) بهجمات يومية يصب فيها جام غضبه على حكومة العراق. فاستغل العراقيون حماسه، ولجئوا إلى تمرير رسالة كاذبة تتحدث عن اعتقال الرفيقة القومية المناضلة (حسنة ملص) في سجون بغداد، وتعذيب المناضل العروبى العنيد (عباس بيزة). .
وما ان وصلت الرسالة إلى مصر، حتى انبرى (احمد سعيد) بصوته المجلجل للتعبير عن شجبه واستنكاره لاعتقال المناضلة (حسنة ملص) والمناضل (عباس بيزة) مطالباً بإطلاق سراحهما، وكان يرفع عقيرته بالصياح: (كلنا حسنة ملص، وكلنا عباس بيزة). من دون ان يعلم ان الاثنين هما من كبار سماسرة الدعارة والبغاء، ولا علاقة لهما بالسياسية. .
في اليوم التالي تحولت إذاعة صوت العرب إلى مادة للسخرية والتندر بين رواد المقاهي والمجالس الشعبية في عموم العراق، وفقد احمد سعيد مصداقيته. .
وهكذا دأبت معظم اجهزة المخابرات منذ زمن بعيد على تدبير المقالب الساخرة ضد خصومها عن طريق ترويج الرسائل الإعلامية الملغومة لتحقيق غرضين اثنين، أولهما: كشف العناصر المشبوهة. وثانيهما: توريط الجهات المعادية وإيقاعها في المصيدة. .
وعلى هذا المنوال قامت المقاومة الفلسطينية منذ بضعة أيام بتمرير معلومات مغلوطة عن شخصية (ابو عبيدة)، فأرسلوا صورة وزير الاتصالات الإيراني (عيسى زارع بور) إلى أفيخاي أدرعي بطرق معقدة. وأبلغوه بأن هذه الصورة هي الصورة الحقيقية لشخص (ابو عبيدة) بدون لثامه المعتاد بالكوفية الحمراء. وهكذا وقع أفيخاي في الفخ ونشر الصورة على صفحات المواقع الاسرائيلية زاعماً انه عثر على الصورة الحقيقية للملثم ابو عبيدة. ولم تمض بضعة ساعات حتى انهالت عليه الصفعات والركلات بعدما اكتشف الناس ان الصورة تعود للوزير الإيراني (عيسى بور). .
وبهذا المقلب تلقى أدرعي درساً لن ينساه، وسقط إعلامياً في الفخ الذي نصبه له رجال المقاومة، وفقد مصداقيته امام الناعقين معه والمطبلين له. .