بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لا شك انكم شاهدتم المساعدات الشحيحة التي ارسلتها الاردن بمظلات رباعية وثلاثية. أنزلتها طائرة واحدة فقط، ورمتها في البحر على مسافة قريبة من ساحل غزة، فهرع إليها الغلابة بالقوارب والزوارق. .جاءت هذه المساعدات التزويقية في اليوم الثاني والأربعين بعد المئة من المجاعة، أي بعد خراب البصرة، وجاءت لكي تمتص غضب الشعب الاردني واحتجاجاتهم على قوافل الدعم اللوجستي التي وفرتها حكومة الأردن لطغيانيل، وجاءت لكي تخلق حالة وهمية من التوازن مع قنوات التخادم الفعّال بين عمان وتل ابيب، وجاءت لتمنح حكومة الأردن ملامح روبن هود، وكريندايزر، والرجل الوطواط، وسوبرمان وكل الشخصيات الكارتونية الخارقة. وجاءت لذر الرماد بالعيون وتجميل صورة الملك. إلا انها فتحت عيون المتابعين على تراكمات وازدحامات الشاحنات المحملة بالمساعدات، والتي ظلت محتجزة منذ اسابيع خلف بوابات معبر رفح. .
تم الانزال الجوي بموافقة مسبقة من سلاح الجو الطغيانيلي، وبالتحديدات التي رسموها للأردن، ونقصد بها تحديدات الموقع والتوقيت والارتفاع المسموح به للتحليق ومسارات الذهاب والإياب، وحجم ووزن المواد ونوعيتها وكميتها. كانت التوقيتات محسوبة. فمما لا ريب فيه ان توقف القصف الجوي والمدفعي لم يأت بالصدفة، فالسيناريو معروف ومكشوف ومتفق عليه. .
المضحك المبكي ان الأبواق الموالية للسلطة نفخت في الخبر، ولجأت إلى التهويل والتعظيم والتضخيم، وزعمت ان أسراب الطائرات من طراز C130 انزلت المساعدات السخية بالمظلات، ووزعتها على ضواحي غزة من شمالها إلى جنوبها. وان المؤن والمساعدات التي هبطت على الناس من الجو كانت كفيلة بتغطية احتياجاتهم في رمضان وحتى شوال وعيد الأضحى. .
أما إذا أردتم معرفة الحقيقة فيتعين عليكم الإنصات لصراخ الأطفال وعويل النساء التي نسمعها كل يوم من قنوات الجزيرة والميادين. فالمبالغة الإعلامية شيء وواقع الآلام والأحزان شيء آخر. .
كلمة أخيرة: مضى اكثر من 142 يوما على المأساة ومازال السيسي يصر على اغلاق معبر رفح ويمنع دخول المساعدات، والاغرب من ذلك انه شرع بسرقتها وارسالها الى كينيا. او بيعها في اسواق القاهرة. . .