بقلم: كمال فتاح حيدر ..
الآن وبالتزامن مع قسوة المجاعة المتفشية بين مخيمات اللاجئين. هل لاحظتم كيف انتشرت مقاطع وأفلام الموائد العربية الغنية بمناسفها وصحونها وأطباقها الممتلئة بالغزلان المشوية والفطائر الطرية والكنافة الحلبية، والثريد والعصيد، وما إلى ذلك من بوفيهات ورفوف معبئة بما لذ وطاب من النكهات الشهية ؟. .
فهل هذا هو التوقيت المناسب لنشر صور التبذير والإسراف ؟، وهل هذا وقت التفاخر بوفرة الطعام بينما أطفال غزة يجازفون بحياتهم من اجل التقاط كسرة خبز طافية، أو قنينة ماء من تلك (المساعدات) التي ترميها الطائرات في عرض البحر؟. .
قمة الخسة والنذالة ان يتحول هؤلاء الأجلاف إلى كائنات شرهة تجتر الطعام، وتلتهم هذه الكميات شأنها شأن الدواب والمواشي التي لا شغل لها سوى إشباع بطونها حد التخمة. .
ربما يقول قائل ان القبائل المحسوبة على العرب هي التي خذلت غزة وتنكرت لها في أحلك الظروف. لكن الحقيقة هي ان غزة هي التي فضحت تلك القبائل سيئة الصيت، وكشفت حقيقتها المجبولة على السلوك الحيواني المشين. .
خذها قاعدة: ابن الأصول لن يخذلك حتى لو كان مختلفاً معك في الرأي وفي العقيدة. وقليل الأصول لن يفزع لك حتى لو تظاهر بالود والاحترام. فالشدة تظهر النفاق، وتكشف حقيقة الأعداء، وتميز الصديق الوفي من الصديق المخادع، فجزى الله الشدائد كل خير عرفنا بها الذين خذلونا، وعرفنا بها الذين تنكروا لنا وتآمروا علينا. .
قبل قليل كانت فتاة غزاوية تستعرض الأكياس الأردنية الصغيرة التي جرفتها الرياح نحو الساحل. كانت تحتوي على وجبات مماثلة تماماً لوجبات المسافرين جوا على متن الطائرات. فعلى الرغم من عظمة المأساة كان الأطفال يسخرون من تلك الطرود الخاوية. بينما كانت منصات التواصل تستعرض الولائم البرمكية، وتتباهى بالبذخ السلطاني، وتتراقص على أنغام الاحتفالات المخملية الداعرة . .
وبمناسبة قرب شهر رمضان. حري بهؤلاء ان يصوموا عن النفاق والحقد والغل والشر والأذى، قبل ان يصوموا عن تناول الطعام في هذا الشهر. وأن يتأدبوا في حضرة الموت. . .