بقلم : محمد الساعدي ..
بعد الحرب العالمية الاولي انتشر في مصر فن اسمه ( فن الخلاعة ) وله فقرة خاصة في جميع كاربيهات و مسارح مصر كانت اغاني في اغلبها كلمات متهورة وماجنة مثل (هات الازازة و اقعد لاعبني) وطبعا كانت من نجوم الفن منيرة المهدية و الاغنيةالشهيرة لها التي مطلعها ( اقفل الشباك اللي في ريحنا احسن جارنا يفضحنا )
الغريب في الامر ان كاتب الاغاني شاب اسمه (محمد يونس القاضي ) واضافة لكونه شاعر كان رجلا صحفيا
كما كتب محمد القاضي اغنية كانت قمة في المجمون والخلاعة مطلعها ( معرفش ايه اللي جري .. انا كنت لسه صغيرة ) والشارع المصري يردد الكلمات والاغاني ويطرب لها حتى أصبحت كما هو حال الترند هذه الايام وفي احد الايام استيقظ الشعب المصري علي مقالة في جريدة الصباح تهاجم كل كلمات اغاني محمد يونس القاضي وخصوصا الاخيرة و طالب صاحب المقال بالقبض عليه لان اشعاره ركيكة و غير متناسبة مع اخلاقيات المصريين .
لكن الغريب في الموضوع ان الذي كتب مقالة الهجوم علي الشاعر محمد يونس القاضي هو الصحفي محمد يونس القاضي نفسه
والاغرب انه في اليوم الثاني خرج الشاعر محمد يونس القاضي يتهم الصحفي محمد يونس القاضي بالرجعية و عدم الفهم وانه عديم الذوق ولا يمتلك حسا فنيا أو ثقافيا
لكن هناك ماهو اغرب … في اوائل الثلاثينات من القرن الماضي تم تعيين محمد يونس القاضي رئيس للرقابة علي الاغاني في الاذاعة وكان اول قرار اتخده هو منع اذاعة اي اغنية من كتابة محمد يونس القاضي ، والاشد غرابة ليس المعركة بينه وبين نفسه حول اغانيه وكلماته بل ان الراجل الذي بسببه الشارع عاش في مجون و خلاعة هو نفسه الذي بسببه كل المصريين بيقفوا ويؤدوا التحية للعلم المصري مرددين بلادي بلادي … لان مؤلف نشيد بلادي بلادي هو نفسه محمد يونس القاضي وكم من محمد القاضي لدينا ساعة يكون فيها راقصا في بوابة العراق مع عاهرات وبلوگرات وفاشنستات ويخرج في اليوم الثاني مدعيا الوطنية والنزاهة والشرف حاملا على كتفه وسام البلد من الدرجة الاولى