بقلم: كمال فتاح حيدر ..
مثل يردده رجال البادية العراقية والحجازية: (العليج وقت الغارة خسارة)، ويقول بعضهم: (العليج عند الغارة ما ينفع). أو: (العليج عند الشدة ما يفيد). أو أي صيغة أخرى. .
اما العليج أو العليجة فهو كيس من القماش السميك يوضع فيه العلف ويربط برأس الفرس أو الجواد فيأكل منه، ويتغير اللفظ حسب اللهجات البدوية الدارجة. .
معنى هذا المثل: أن الخيول الجائعة أو المتخمة لن تستطيع الكر والفر والمطاردة في سوح القتال وهي بهذا الحال، لذلك فإن إطعامها عند الهجوم المباغت لن ينفعها بشيء. وإطعامها بعد انتهاء الغارة لا جدوى منه. وهذا المثل ينطبق على كثير من الحكومات التي تضع نخوتها في الثلاجة، وتؤجل الدفاع عن نفسها، في حين تقتضي الحكمة التعبوية أن تبدأ التحضير و الاستعداد مبكراً. و لا تنتظر موعد الغارة حتى تبدأ بتجهيز جيوشها. أما إذا كانت متأهبة ويقظة ومستعدة لكنها تؤثر التأجيل وتفضل التريث، فلا نفع في خيولها مهما أسرجت وألجمت وتدرعت، وأغدقت في العليج. .
وبالعودة إلى الغارات الإسرائيلية المتهورة، والتي تجاوزت الحدود والقيود والأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية، وشرعت باستهداف الجميع بلا تردد، بانتهاكات وخروقات صارخة وسافرة شملت الاحياء المأهولة في غزة، والمواقع العراقية واليمانية والسورية، بضمنها الغارة الأخيرة على مقر السفارة الإيرانية في الشام، والتي راح ضحيتها قادة كبار من الحرس الثوري، وكان حق الرد مكفول لطهران باعتراف أمريكا نفسها عندما أنكرت علمها بالغارة الاسرائيلية. وعندما أخلت سفاراتها في عواصم عدة، واتفق المحللون والخبراء على ان الانتقام الإيراني بات وشيك الوقوع، واصبح قيد التنفيذ في الايام التي تلت الضربة الاسرائيلية مباشرة. ثم مرت الايام من دون ان يأتي الرد الموعود. وتغير موقف جو بايدن الذي أبدى استعداده الآن للرد بقوة على اي هجوم إيراني يستهدف اسرائيل. في حين توسعت اسرائيل في تهورها وفي إطلاق تهديداتها. وتفعيل حملاتها التدميرية الموتورة. من دون ان تتلقى أي صفعة رادعة. لا من ايران ولا من المجتمع الدولي. .
وسوف نتناول في مقالة تحليلية لاحقة المكاسب التي سوف تحققها إيران إذا نفذت وعدها وسددت صواريخها مباشرة إلى العمق الاسرائيلي. وما الذي ستخسره إذا نكثت بوعدها وتنازلت عن ثأرها، وتغاضت عن جرائم اسرائيل. .
وللحديث بقية. .