بقلم : تيمور الشرهاني ..
تعيش العديد من القطاعات البشرية في زمن ماضٍ بعيد، مبتعدة عن واقعها المعاصر هذه الجماعات عادة ما تفضل العودة إلى الخرافات والأساطير هاربة من التحديات الحديثة وإن التعايش مع الوهم يصبح أكثر جاذبية عندما يشعر الأفراد بالضياع أو الإحباط في حاضرهم ونتيجة لذلك، تنشأ قناعات مُضللة تغذيها أساطير عتيقة وتصورات غير واقعية هذا الهروب من الحاضر يُمكن أن يؤدي إلى تفكك العلاقات الاجتماعية وتدهور الصحة العقلية.
حيث تُشير القطاعات البشرية التي تعيش في وهم الماضي إلى الجماعات التي تُفضل الحياة وفقاً لتصورات تقليدية أو خرافية. يجعلها ذلك تتجاهل الحقائق المعاصرة والمعلومات الدقيقة المتاحة وتشمل هذه الجماعات المجتمعات التي تعتمد على الأساطير كجزء من هويتها الثقافية ففي كثير من الأحيان، يكون الأفراد في هذه الجماعات أقل انفتاحاً على الأفكار الجديدة والتطورات العلمية كما أن هذه العزلة تجعلهم عرضة للاعتقادات الخاطئة بالتالي، تصبح الخرافات عاملاً مهماً في تنظيم حياتهم اليومية.
وعلى النحو ذاته فأن الكثير من هذه الجماعات تنجذب إلى الخرافات لأسباب متعددة، منها البحث عن الأمان والراحة النفسية. في ظل الضغوط الحديثة يجد الأفراد في هذه الخرافات ملاذاً لهم كما أن تلك الجماعات قد تنشأ في بيئات فقيرة تعليمياً مما يجعلهم أكثر تقبلاً للفكر الخرافي بالإضافة إلى ذلك، يلعب الانتماء الاجتماعي دوراً مهماً، حيث تعزز المعتقدات المشتركة الروابط بين الأفراد في بعض الأحيان، فتصبح الخرافات هي الضمانة لحفظ الهوية الثقافية في النهاية، هذه العوامل تسهم في تعزيز التمسك بالخرافات على حساب الواقع.
لذا يُمكن أن يكون للعزوف عن الحاضر آثار نفسية خطيرة على الأفراد فإن الهروب المُستمر إلى الخرافة قد يؤدي إلى القلق والاكتئاب وفي العديد من الحالات يصبح الشخص غير قادر على التفاعل مع الواقع بشكل صحي كما تزداد مشاعر العزلة انفراداً بينما يتقوقع الفرد في عالمه الوهمي فلابد من الإشارة إلى أن التعايش مع الأوهام يقلل من القدرة على استكشاف الفرص الجديدة لدى الاغلب كل هذه الآثار تتراكم بمرور الوقت مما يؤدي إلى عواقب وخيمة على الصحة النفسية.
لا سيما تتداخل الخرافات بشكل كبير مع الواقع الاجتماعي للجماعات البشرية هنا يُمكن أن تؤثر هذه المعتقدات الخرافية على كيفية تصرف الأفراد في مختلف جوانب حياتهم مثل العمل والتعليم وفي بعض الأحيان تصبح الأساطير هي المحركات الاجتماعية التي تُشغل العلاقات بين الأفراد كما تساهم المجتمعات الخرافية في تقوية الفجوات الطبقية والامتيازات الحقيقية. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن للخرافات أن تؤدي إلى عدم المساواة عند اتخاذ القرارات المجتمعية. لذا، فإن التعرف على هذه العلاقة أمرٌ مهم للحد من تأثير الخرافات على الواقع الاجتماعي.
كما تتبنى الجماعات التي تعيش في الماضى الأفكار الأسطورية مما يسبب مخاطراً جدية هذه الأفكار يمكن أن تؤدي إلى التطرف والمعتقدات المتطرفة مما يُهدد الأمن العام. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي إلى العنف والتوترات الاجتماعية كما أن العزوف عن العلوم والعقلانية يمكن أن يضع حواجز أمام التقدم المجتمعي فينبغي أن يكون هناك وعي كامل بعواقب هذه المعتقدات على الأجيال القادمة لذلك، يُعزز ذلك الحاجة إلى استراتيجيات فعالة لمواجهة هذه المخاطر.
فلابد من مواجهة تفشي الخرافات بين الجماعات فمن الضروري تعزيز برامج التوعية والتثقيف وتوفير المعلومات الدقيقة والموثوقة لكي يتمكن الأفراد من التحليل النقدي للمواقف بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام وسائل الإعلام الحديثة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأفراد. كما يلعب المجتمع المحلي دوراً محوريًا في تعزيز القيم الإيجابية من خلال النقاشات المجتمعية مما يُعزز من تقوية الوعي الجماعي وفهم أهمية التكيّف مع العصر الحديث ويجعل هذه الاستراتيجيات فعّالة، وأن تكون هناك جهود متكاملة من جميع فئات المجتمع.
كما إن تداخل الخرافات مع الحاضر ليس مجرد ظاهرة اجتماعية، بل هو تحدٍ يواجه مجتمعات كثيرة. إن فهم الأسباب والآثار المرتبطة بهذه الظاهرة هو الخطوة الأولى تجاه التصحيح. تعزيز الوعي والتثقيف يساعدان على تقليص تأثير هذه المعتقدات على الحياة اليومية ونظرا لذلك أن نعمل جميعًا معًا لتحقيق مجتمع مبني على المعرفة والعقلانية. بتكاتف الجهود، يمكننا تخطي قيود الخرافات والتوجه نحو مستقبل أكثر إشراقاً.