بقلم : د. سمير عبيد ..
أولا:عندما نتفحص السياسة الإيرانية تجاه الدول العربية ونأخذ العراق مثالاً فنجدها تنافي شعارات ايران الإسلامية، وتنافي شعارات ايران الشيعية. وكم كنا نتمنى انها بالفعل سياسات إسلامية وسياسات شيعية مقتبسه من مدرسة ونهج اهل البيت لنؤسس إلى علاقات مشتركة بين العراق وايران تكون مثالا حميدا لدول المنطقة والعالم . ولكن وللأسف تبين العكس ! .فهي خط رمادي غريب على شيعة العراق والمنطقة .ونتيجة ذلك كانت السياسة الإيرانية ولازالت في العراق مصدر انقسامات حادة داخل المجتمع العراقي حيث الأكثرية المطلقة من المجتمع العراقي رفضت وترفض وسترفض السياسات الإيرانية المتعالية والكولنيالية والتي تأخذ ولا تعطي في العراق. ولكن الانقسامات داخل شيعة العراق هي أكثر حدة تجاه ايران . وليس السبب الوحيد هو أن العراقيين عرب اقحاح وفي الذاكرة هناك آلام وذكريات حزينة عن الحرب العراقية الإيرانية (١٩٨٠-١٩٨٨)،وليس السبب أن شيعة العراق عرباً وتشيعهم عربي علوي يمتد لمدرسة اهل البيت ورسول الله ولا ينتهج نهج التصدير والأيذاء للدول والمجتمعات . بل الاسباب سياسية واقتصادية ونفسية واجتماعية وعقائدية وسلوكية . حيث اكتشف شيعة العراق ان التشيع الايراني لا يشبه تشيعهم، وان ايران فرّقت شيعة العراق ،وفرّقت العراقيين الآخرين من مذاهب اخرى .وجعلت من العراق سوقا استهلاكية لايران .وتمادت ايران فهيمنت على القرار السياسي في العراق ،وعلى الاقتصاد في العراق .ومن هنا تصاعدت كراهية عالية النسبة والنبرة ضد إيران وهناك سببب آخر وهو مفصلي عندما سيّدت ايران احزاب وحركات وجماعات ومافيات ومليشيات عراقية تابعة لها على العراق والعراقيين وللأسف مارست هذه الواجهات ابشع انوآع الإذلال والقمع والفساد ونهب الدولة وثرواتها لصالح إيران، وتمويل الحركات والمنظمات التي تدور في الفلك الإيراني في العراق والمنطقة .وهذا جعل العراقيين يكفرون بايران وبحلفاء ايران ولديهم استعداد التعامل مع الشيطان لاسقاط الطبقة السياسية الحاكمة في العراق والتي تهيمن عليها ايران وابعاد الهيمنة الإيرانية على العراق !
ثانيا :-
١-فإيران فقدت ٩٥٪ من الشيعة في العراق قبل فقدانها لبقية طوائف ومذاهب وقوميات العراق .والسبب سياساتها المتعالية والكولونيالية، وكذلك بسبب حلفاءها في العراق الذين دمروا العراق والمجتمع العراقي ،ودمروا حياة العراقيين وجعلوها جحيما، ونهبوا خيرات العراق ،وانتهكوا حقوق العراقيين وحاربوا عروبتهم وثقافتهم وتشيعهم العلوي لصالح ايران.فحلفاء إيران دمروا الطبقة الوسطى في العراق ودمروا الزراعة والصناعة والكهرباء والتعليم والصحة وكل شيء لكي يكون العراق ذيلا وتابعا لإيران !
٢-
١-فللأسف لم يستوعب او يستفيد الإيرانيون من تجربة اجدادهم الأخمينيين في العراق عندما ظن ( الإخمينيون/ جماعة الملك كورش الفارسي ) سوف يهيمنون على بلاد الرافدين وسوف يجعلون شعبه يتكلم الفارسية ويوالي فارس .ولكن في آخر المطاف خرج الإخمينيون من العراق وهم يتكلمون العربية ويطبخون الطبخات العراقية. وحتى مابعد عام ٢٠٠٣ وحتى الساعة ولا بعد 50 عاما لن يكون العراق حديقة خلفية لإيران وهذه حقيقة. وبالتالي ان من خسر في العراق هي ايران وبسبب سياساتها المتعالية وحلفاءها الظلمه والفاسدين !
٢-ولو كانت ايران فعلا تعمل للإسلام وتشيّع اهل البيت لجعلت شيعة العراق في بحبوحة تحسدهم شعوب المنطقة وجميع طوائف العراق . ولِما حاربو العروبة وهي التي تمتد إلى رسول الله “ص” والى علي والحسن والحسين عليهم السلام فهؤلاء جميعهم عرباً.فالتشيع العلوي الذي نهجه وينتهجه الشيعة في العراق يختلف اختلافاً جذريا عن التشيّع الإيراني الذي يكمن بداخله المشروع القومي الفارسي . فالتشيع العلوي العربي لا يؤمن بالتصدير والهيمنة وقمع الشعوب وسرقة خيراتها لانه ينهل من مدرسة اهل البيت المعتدلة .ولعرفوا ان احد أركان بيت الله يحمل اسم ( العراقي). ولعرفوا ماذا قال رسول الله محمد “ص” عن العراق قال (عندما أراد العراقيون أن يَحرقوا إبراهيم على رسولنا الكريم وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أراد أن يَدعوَ الله عليهم، ولو دعا الله عليهم لاستجاب، فبعث الله له جبريل عليه السلام وقال له، قل له : يا إبراهيم ربك يقول لا تدع على أهل العراق، وقد جعلت فيهم خزائن علمي وخزائن رحمتي.. أي جعل الله تعالى كل علوم الأرض في هذه البقعة، وكل خيراتها فيها، صدقت يا رسول الله).
٣-وبالتالي لا يوجد سبب وسر في استعمال السياسات الجائرة والمتعالية والمُذلة من قبل إيران تجاه العراق والعراقيين إلا سببها الغيرة وعقدة التاريخ .والا لماذا لم يمارسوا سياسة الدعم والحب والتلاقي والوحدة ويجعلوا شيعة العراق ( شيعة سوبر ) علما انهم أصلا الشيعة الأصل وانهم حراس المعبد ( ان صح التعبير ) ولكنهم لم يفعلوا ذلك بل سلطوا عليهم جماعات وفئات دمروا العراق وسرقوا خيراته وثرواته ودمروا المجتمع العراقي وجميع فئاته. والذي فعلوه بالعراق والعراقيين لم يفعله هولاكو وحملته . ومن هنا حان تغيير هذه الطبقة السياسية الظالمة والفاسدة والفاشلة. وحان خروج ايران الكولونيالية من العراق واعادة النظر بالعلاقة بين العراق وايران ويجب ان تستند على الاحترام وعدم التدخل وتشيعهم لهم وتشيعنا لنا فنحن نحب السلام والاعتدال والعلاقة الصالحة مع دول وشعوب العالم (ولا نؤمن بنظرية رمي اليهود في البحر) وكذلك لا نؤمن بتطبيع السمسرة والدونية !.
سمير عبيد
١٨ ايلول ٢٠٢٤