بقلم : تيمور الشرهاني ..
يتحدث الكثيرون عن الحقارة، لكن هناك القليل من يُدرك مفهومها الحقيقي وأثرها العميق في العلاقات الإنسانية. مع ذلك، يُمثل الشخص الحقير ذلك الذي ينحاز لنفسه ويغفل عن أولئك الذين بأمس الحاجة إليه، مما يخلق شعوراً بالخيانة والهجر في عالم تتزايد فيه الحقارة ومظاهر الخيانة وعدم الاكتراث بالغير. كذلك، عندما تبحث عن الصدق والوفاء في زمن قلما نجد فيه من يتسم بهما، لهذا نرى الكثير من يتوسم بالحقارة لكونها تمثل حالة من عدم الأخلاق التي يُظهرها البعض عند مواجهتهم لمواقف تتطلب منهم التعاطف والدعم، حيث تظهر هذه السلوكيات في العلاقات عندما يختار الفرد مصلحته الشخصية على مصلحة الآخرين. لذلك، تصبح العلاقات الإنسانية أكثر هشاشةً وتفككاً بسبب الحقارة المستشرية في العروق، فأكثرها ينعكس على الثقة ويعزز مشاعر الخيانة بين الأفراد.
في عصرنا الحالي، ومن خلال اطلاعنا، تتزايد فيه مظاهر الخيانة بشكل ملحوظ، يمكن أن تشمل عدم الوفاء بالعهود أو الطعن في الظهر عندما يكون الشخص في حاجة ماسة للدعم من المُقربين. بيد أن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي تحولت إلى عوامل تمكين للخيانة والمراوغة والكذب وعدم الوفاء بالعهد، إذ يسهل التواصل غير الصادق. لذلك، يحتاج الشخص إلى إدراك هذه المظاهر لحماية نفسه من الأذى العاطفي والنفسي عندما يبحث عن الصدق في زمن الخداع.
أدركت تماماً في هذا الزمن المليء بالتناقضات، تلاشت فيه القيم ليصبح العثور على الصدق تحدياً كبيراً. يتطلب الأمر الحذر والفطنة للتفريق بين الصدق والزيف، ولابد من أن تنبع أهمية الصدق من كونه أساس العلاقات الصحية والموثوقة، بغض النظر عن التحديات. لذا يجب على الفرد السعي جاهداً للتمسك بالصدق كونه قيمة لا يمكن التفريط فيها مهما كانت الظروف.
سيما أن الوفاء والصدق هما من أسمى القيم الإنسانية، ولكنهما يضيعان أحياناً في قلوب ضعفاء النفوس ليصبح الشخص الجبان غير قادر على مواجهة المواقف، ويتهرب ويماطل وهو في أدنى مستوياته لعامة الناس. وبدلاً من ذلك، يختار الغدر وترك الأصدقاء والمحبين في أوقات الحاجة. اليوم، الناس بحاجة إلى فهم معنى الوفاء لمعالجة العلاقات بشكل إيجابي. في هذا الشأن، سوف تساعد تلك المعرفة في بناء مجتمع متماسك يعتمد على الثقة.
ومن أهم عناصر بناء العلاقات الصادقة، أهمية الدعم والمساندة في الأوقات الصعبة.
ويصبح دعم الآخرين حاجة مُلحة اذ يوفر الدعم الشعور بالأمان ويعزز الروابط الإنسانية. عندما يُقدم الشخص المساعدة للآخرين، يتمتع بإحساس عميق بالقيمة الذاتية، لذا يتوجب علينا تعزيز ثقافة المساندة، حيث يعتبر ذلك أحد المفاتيح لتعزيز السلم الداخلي والاندماج الاجتماعي.
فضلاً عن ذلك، يُعد تمييز الأصدقاء الحقيقيين عن المزيفين مهارة مهمة. الأصدقاء الحقيقيون يظهرون دعمهم وولاءهم في الأوقات الصعبة، بينما يختفي المزيفون عند الحاجة. هنا يمكن أن تكون علامات الأصدقاء الحقيقيين هي التجاوب العاطفي والاهتمام الحقيقي، لذا من المهم توخي الحذر وتقييم العلاقات بعناية لتجنب الألم الناتج عن الخيانة والتزيف. فلابد أن نفهم أن السعي وراء القيم الحقيقية مثل الصدق والوفاء هو ما يقوي العلاقات الإنسانية، بينما يتزايد وجود أشخاص حقيرين كذابين (مُشخصين سلفاً) كلما تحاول التمسك بهم، إلا أنهم يثبتون تفاهتهم وخداعهم. إضافة إلى ذلك، يمكن لكل فرد اتخاذ القرار الصائب ليكون داعماً ومسانداً للآخرين. العلاقة الحقيقية تحتاج إلى بناء قائم على الثقة والاحترام المتبادل، وهذا ما يجعلنا بشراً أفضل في عالم مليء بالتحديات.