بقلم: كمال فتاح حيدر ..
انظروا الآن إلى أسراب الطائرات العملاقة التي هبطت في معظم القواعد الأمريكية بالمنطقة، وكلها متخصصة بشحن الوقود الحربي، وصلت منها الآن 8 طائرات بإجمالي سعة 400 طن من الوقود، ووصلت معها طائرات أوروبية بسعة 200 طن. بما يوفر إمكانية تشغيلية لتزويد الطائرات المقاتلة بما يصل إلى 720 ألف لتر من الوقود، أي ما يكفي لتحليق حوالي 100 مقاتلة وقاذفة، بمعدل 7000 لتر لكل طائرة. وهذا يعني انها لم تأت للنزهة أو للقيام بجولة رمزية عابرة، أو لتنفيذ غارة روتينية خاطفة من اجل ذر الرماد بالعيون. .
لا شك انهم يعدون العدة للقيام بعمليات حربية واسعة النطاق. قد تحرق الاخضر واليابس في عموم المنطقة، بينما استنفر المحرضون العرب طاقاتهم كلها لتبرير الهجمات الكارثية المتوقعة، وتوحدوا في بث المزيد من سموم الفتنة الملعونة بين السنة والشيعة. .
تعددت المحاور القتالية البديلة، ونجحت القوى الظلامية في تفعيل خنادق موازية لما يجري منذ عام في عموم الشرق الأوسط. تكلل هذا النجاح في تحشيد كتائب وأفواج من الخطباء والمشايخ، أوكلت لهم مهمة بث الفتنة الطائفية، وتحريض عامة المسلمين ضد بعضهم البعض، في حين تخصصت كتائب اخرى في ترويض العقل العربي وتشفير خلاياه الدماغية للقبول بالهزيمة، والتصفيق للظالم، والاستخفاف بالمظلوم، وتجميل صورة الغزاة والترحيب بأساطيلهم، وتوجيه الاتهامات للأحرار والنشامى، والبحث عن تخريجات فقهية، ونصوص شرعية تحتمل التأويل لترسيخ روح الهزيمة والاستسلام في نفوس الصغار والكبار. .
لم يتطوع أئمة الدروز، ولا كهنة الأيزيديين، ولا الأساقفة ولا الرهبان ولا القساوسة في خدمة المجرمين الذين ارتكبوا ابشع المجازر، بل جاءهم المدد من بعض مشايخ المسلمين. .
فجأة تحولت الحرب في الشرق الأوسط إلى حرب بين الفرس والعرب، وبين السنة والشيعة، ثم فجأة وجد العرب انفسهم في مواجهة انفسهم لاسباب ومسوغات ودوافع لا علاقة له بالحرب في غزة، ولا بالحرب في لبنان. حرب يقودها الآن: وليد إسماعيل، وصابر مشهور، وسالم الطويل، وبسام جرار، وهشام البيلي كل على طريقته التحريضية. .
بدأت حملاتهم بدعوى الدفاع عن الصحابة. ثم انتقلوا للدفاع عن قتلة الأطفال. لكنك إن توغلت الآن إلى داخل الجبهة اللبنانية ستجد السني والشيعي يقاتلون في خندق واحد. .
ختاماُ: جعلتنا أحداث غزة نعيد النظر في مسائل وطنية كثيرة، وربما نضطر لمسح ذاكرتنا، وحذف كل ما تعلمناه في الماضي. اما الآن وفي خضم هذه الأحداث المربكة، والاستعدادات الحربية المكثفة. ربما لم يعد لدينا الوقت الكافي لاصلاح الأذهان قبل التفكير باصلاح البلدان. .
ربنا مسنا الضر وانت ارحم الراحمين