بقلم : جعفر العلوجي ..
نشترك جميعاً في أن الحاجة لوجود بطل او أبطال رياضيين حاجة ملحة، كونها تدخل ميدان المقارنة في التطور لجميع الأمم، بدليل البطولات الأولمبية وما يصاحبها من إحباط في الفشل او السعادة بالإنجاز، وعند الإخفاق في أي محفل رياضي، تتم دراسة الوضع ومعرفة الأسباب من أجل العمل على تصحيح المسار، وتحقيق الأهداف في المناسبات المقبلة، وهذا ما نتوقعه بعدما حدث في دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة في باريس، التي لم نتمكن فيها من وضع بصمتنا، وخرجنا بمشاركة بيضاء خالية الوفاض.
وكنتيجة طبيعية بادرت اللجنة الأولمبية الوطنية وعلى رأسها الدكتور عقيل مفتن رئيس اللجنة وحتى قبيل اختتام الدورة الأولمبية بإعداد العدة لتغييرات حقيقية على الأرض وليس الورق في الميدان وليس بأدراج المكاتب، وقد تكفلت اللجنة بدراسة التوزيع الرياضي بمختلف الألعاب بين الأندية والاتحادات الرياضية ووجدت أن اللعبة الشعبية الأولى كرة القدم تنال اهتمام الأندية على حساب الألعاب الرياضية الأخرى بسبب التركيز على كرة القدم، وهو ما يحدث حالياً، وأثر بشكل واضح في الكثير من الاتحادات التي باتت لا تعرف ماهية العمل، بسبب أن هذه الأندية باتت تصرف ميزانياتها على كرة القدم وتشطب بقية الألعاب، وهو ما انعكس سلباً على المنتخبات في الرياضات الأخرى.
لذلك كله كان في الحسبان تناول ضرورة التعاطي مع الألعاب الأخرى التي عانت وما زالت تعاني الإهمال، فيما يعلم الجميع أنها أقرب بمسافات كبيرة من الميدالية الأولمبية التي قد تأتي من كرة القدم او الألعاب الجماعية بشكل عام.
ومن أجل التعرف عما يدور في عمل اللجنة الأولمبية وتعاملها مع مشروع صناعة البطل لابد أن نعرف أن منظومة صناعة البطل الرياضي تحتاج الى الإجابة على عدة أسئلة هامة يطرحها المهتمون رغبةً منهم في تفسير بعض الظواهر الميدانية التي تبدو صعبة ولكنها متداولة ومطروحة من ناحية العوامل أو المتغيرات أو المتطلبات الحاسمة في هذا الملف ومنها مثلا.
هل يصنع البطل أم يولد بطلاً ؟
هل البطل الرياضي نتاج لعوامل وراثية، أم نتيجة عوامل بيئية ؟
وهل منظومة صناعة البطل الرياضي تتطلب بناء جسمانياً مناسباً وبرامج تدريب وممارسة مكثفة (وصلت في الوقت الحاضر من 1-20 وحدة تدريب أسبوعياً)، فالمدرب مهما بلغت مهارته لن يستطيع أن يصنع بطلاً من جسم غير مؤهل، لذلك من الضروري أن يكون الرياضي متمتعاً بنمط جسمي مناسب لنوع الرياضة التي يمارسها حتى تصبح برامج التدريب والممارسة لها جدوى وعائد مضمون.
والبرامج الرياضية تُبنى وفقاً لمراحل نمو الطفل وليس العكس، ليس من أجل الفوز، بل من أجل اكتساب مهارات وخبرات جديدة وعلاقات جديدة في الميدان، فالكل فائز في هذه المرحلة السنية الصغيرة من دون استثناء، وعلينا أن نعي ذلك جيداً.
وهذا لا يعني أن لا تكون هناك منافسات، بل يجب أن يكون لها مكان في كل مرحلة ولها وجود في الوحدة التدريبية اليومية، ولكن منافسات غير رسمية، منافسات تنشيطية يكون الهدف منها كما أسلفنا صقل اللاعب أو اكتساب مهارات جديدة، أو تعزيز الجوانب النفسية والذهنية والاجتماعية، ومن هذا الأساس في العمل تعد اللجنة الأولمبية برامجها بدقة متناهية عبر فريق العمل الأولمبي المختص بصناعة البطل ونقاش الاتحادات الرياضية والفنيين لتكون الخطوات المتلاحقة صحيحة وتسير وفق فلسفة الإعداد الرياضي المتبع في دول العالم، وأن مشكلة توفير الأموال والجهد والبنى التحتية وجدت طريقها للحل وسط الدعم الحكومي الهائل الذي نعيشه اليوم والذي يبنى على فرضية أن تكون الإعدادات مختلفة جذرياً عن المراحل السابقة وكل ما حصل فيها من إخفاقات، ونجزم أن العمل قد بانت ملامحه على الرغم من قصر فترة الانطلاق ولكنها بداية جيدة وعقلية تعرف أين تسير وماذا تفعل وصولاً الى مراحل متقدمة ستفصح عن نفسها وتنال ثقة واحترام الجميع.