بقلم : عمر الناصر ..
قد يثير المقال امتعاض الكثيرين ممن لايتناغم مع مزاجهم واهوائهم، لكن تقديم المصالح العامة يكون اولى من تقديم المصالح الخاصة ، فلم يعد هنالك اي مبرر لبقاء المجتمع والافراد تحت نظام الدولة الحارسة، بل اصبح من الملزم اتخاذ قرار جريئ بالانتقال التدريجي الى مفهوم الدولة المتجانسة، للتخلص من تبعية ضبابية الوقوع بين مطرقة الاشتراكية العريقة وسندان الرأسمالية المتكبرة ، في ظل عجز تام عن ايجاد تعريف مناسب لهوية الدولة ان كانت اسلامية ام مدنية ، في وقت بات من الملزم ان اتباع هنالك فلسفة جديدة بالفكر الاقتصادي لايقل عن الدول الرائدة والمتقدمة ، من خلال اتباع استراتيجية نقدية مغايرة لتعظيم الموارد وتقليل الهدر والنفقات ، فالمعيار الاساسي لقياس قوة ورصانة الانظمة السياسية يكمن بقوة الاقتصاد المسبب الاول في الحروب والصراعات بالعالم ، ويبقى الوحيد القادر على مجابهة الاخطار والتحديات الطارئة من خلال رفع منسوب الخزين الاستراتيجي لايرادات الدولة، ورسم سياسة مالية غير مستهلكة تنتشل صانع القرار من الاحراج ، كما تفعل السويد مثلا في موضوع القاء كرة التوظيف في ملعب القطاع الخاص والافراد والتي حققت فائض بالميزانية في عام ٢٠١٩ تقدر ب ١١٢ مليار كرون نتيجة ضغط النفقات العامة، والمملكة المتحدة التي حققت فائض في الموازنة بقيمة ١٦.٧ مليار جنيه إسترليني (٢١.١ مليار دولار) في الربع الاول من عام ٢٠٢٤ .
لاضير وليس من العيب استنساخ تجارب الدول المتقدمة لحماية الاقتصاد الوطني وبناء شرنقة كونكريتية وجدار اقتصادي ناري Economic Fire wall يحافظ على جسد الدولة من شبح الاشاعات والافلاس والانهيار،بسبب احادية الدخل والتقلبات المفاجئة واللحظية في سياسة الدول الراعية للازمات والتي تتحكم بصنابير النفط والطاقة ، وخصوصاً ان موضوع ترشيق المؤسسات والوزارات اصبح اليوم ضرورة حتمية لغرض تحقيق تكامل واندماج أكبر بين الاستراتيجيات ذات الصلة، وتعزيز التعاون بين الوزارات المعنية وتقليل الضرر والتعارض في السياسات العامة، كوسيلة لخفض النفقات وتعظيم الايرادات وخفض مؤشر الفساد كما هو الحال في مصر والسعودية على سبيل المثال، ان من سلبيات نظام المحاصصة الذهاب دوماً لعملية استحداث مناصب ادارية ادت الى ترهل الجسد الوظيفي للدولة ، ويالتالي ديمومة واستمرارية وزياد بالعجز المالي الذي وصل الى مايقارب ٣٦ تريليون دينار لميزانية عام ٢٠٢٣ مقارنة بالعجز في ميزانية عام ٢٠٢١ التي بلغت ٢٨.٧ تريليون دينار، لذا اصبح من الواجب والملزم دمج بعض الوزارات الغير منتجة مع الوزارات النشطة التي تستهلك نفقات حاكمة اكثر من تحقيق مشاريع تنموية مستدامة وايرادات للميزانية العامة، مثل وزارة التخطيط ووزارة البيئة ووزارة التربية ووزارة التعليم العالي التي بالامكان تحويلها الى المجلس الاعلى للتربية والتعليم العالي ،واعطاء استقلالية اكثر للجامعات كخطوة جريئة وفعالة لسيادة القانون والحكم الرشيد وبناء دولة المؤسسات.
انتهى /
خارج النص / ضرب الدولة يبدأ من خلال نخرها اقتصادياً باستخدام سياسة تجويف عصى الخيزران .