بقلم : تيمور الشرهاني ..
يكشف دور السنوار في المعركة عما تتطلبه القيادة الحقيقية من شجاعة وإخلاص، حيث خاض معاركه بجسارة مرتدياً رداء الشهادة ببدلته العسكرية وتجهيزاتها. إذ قام بصياغة تجربة نضالية استثنائية فريدة تفخر بها الأجيال، لذلك يُعتبر رمزاً للمدافعين عن القضية الفلسطينية. فقد واجه السنوار التحديات بجرأة وأعلن عن استعداده للتضحية. هذا الهمام كيف استطاع تحويل تضحياته إلى مصدر إلهام للأجيال المُقبلة مقارنة بين قيادة السنوار وقيادات أخرى سواء في العراق واليمن وباقي الدول المقاومة الأخرى.
عند دراسة قيادة السنوار نجد وجود فروقات ملحوظة مقارنة بقيادات أخرى. كان السنوار بعيداً عن مظاهر الجكسارات والتاهوات، كما أنه اختار البقاء بين شعبه في الأوقات الحرجة مدافعاً عنهم بكل بسالة وإقدام. في المقابل، سعى بعض قادة المقاومة إلى تجنب الخطر وفضلوا الحياة في الرفاه هم وعائلاتهم، مما يعكس اختلافاً كبيراً في مواقفهم. لذا تعتبر هذه المقارنة محورية لفهم ما الذي يجعل القائد محبوباً وفعّالاً في نظر شعبه.
من هنا ترتبط الشجاعة بالتضحية بشكل فريد في شخصية السنوار، فكانت خياراته الحياة على خط المواجهة بدلاً من السلامة الشخصية. فتجسدت معاني النبل، وهذا الأمر يعكس ضرورة وجود قيادات تنحاز لشعوبها في أثناء الأزمات، حيث تُشكل هذه الرمزية في عقل الجماهير وتتحول إلى رسائل قوية تشجع الأجيال الجديدة على الاستمرار في المقاومة.
سيما أن قرارات السنوار العسكرية كانت محورية في تعزيز الروح الوطنية بين الجماهير. من خلال قيادته في المعارك استطاع التأثير على توجهات المجتمع وتحفيز الشباب للمشاركة في النضال، وإن شعور التضامن الذي أحدثه كان له وقع عميق على العائلات والمجتمعات المحيطة. هذا التفاعل بين القائد وجماهيره يضعنا أمام دراسة شاملة لآثار القيادة العسكرية في السياقات المجتمعية.
فكان لهذه التضحية خير إيثار والتأمل في ذكرى الحسين (عليه السلام) ومعانيها المعاصرة. هذه الذكرى تحمل معانٍ عميقة ترتبط بالتضحية والفداء، ويعكس ذلك تطلعات شعوب تعاني من القهر والحرمان، وتتجلى هذه المعاني في تضحيات المقاتلين أمثال السنوار بالمقابل يواصل الناس استحضار ذكرى الحسين (عليه السلام) كرمز للثبات في مواجهة الظلم. الواجب علينا كشعوب عربية أن نتأمل في كيفية نقل تلك المبادئ إلى العصر الحديث بدلاً من الاكتفاء بالتأبين.
ثم إن مفهوم الشهادة شهد تطوراً كبيراً في العقود الأخيرة، حيث أصبح يُنظر إليه كرمز للعزة والكرامة.
وربطاً بما سبق، فإن الشهادة لم تعد مرتبطة بالتضحية فقط، بل هي دعوة للتغيير الاجتماعي والسياسي. لذا يتطلب من الأفراد التفكير في معاني الشهادة وكيف يمكن أن تكون ملهمة لأجيال جديدة. هذا النقاش أساسي لتفسير تأثير هذه الظاهرة على المجتمعات المختلفة.
بيد أننا نستطيع أن ننتقد الثقافة السائدة حول التأبين والرثاء التي تكتفي بالبكاء على القادة الشهداء دون النظر إلى الأسس الفكرية وراء ذلك. هذا النقد مهم لتسليط الضوء على جوانب العمل النضالي بدلاً من التركيز على الجوانب العاطفية فقط. وإن الرسالة التي تحملها تضحيات القادة تتجاوز الحزن إلى العمل الجاد لتحقيق التغيير، فلا بد أن ننظر إلى كيفية استلهام تلك الأفكار للانطلاق نحو مستقبل أفضل.