بقلم: كمال فتاح حيدر ..
والله لن أنسى مواقفهم الخبيثة معي حتى لو أصابني الزهايمر. . كنت على وشك أن أكون بخير، ولكن عادت الآلام مجدداً وكأنها تخبرني اني لن انجو منها هذه المرة. كان خلافي معهم بسيطا لكنني اكتشفت حقدا كبيراً كان مدفوناً في قلوبهم. .
أشعر أن العمر مر بسرعة، وأنني فجأة اصبحت شيخاً. تشعبت مسؤولياتي، وتعددت أولوياتي. مازلت احمل حزنا مترسبا في أعماقي، أبكي وأعاني في صمت، اتظاهر بالقوة والسعادة في عز ضعفي، ورغم كل هذا مازال بداخلي طفل يريد أن يعيش حياته بسلام. .
لقد مررت بأيام كنت أقول لنفسي: غداً ستنتهي هذه الفترة الصعبة. أكررها كل يوم حتى اكتشفت إنني تجاوزت محطات مختلفة من التعب دون أن أستريح. . كلما هربت من فخ تعثرت بفخ أخر. حتى نسيت أي محطة كنت أقصدها. وكنت أقول عنها: (ستنتهي). ثم اكتشفت إن الشيء الوحيد الذي فقدته هو طاقتي وعمري وصحتي. .
عندما تكشف الحياة أقنعة الناس تكشفها بقسوة، لدرجة أنك تحتاج وقتاً طويلاً لتستوعب بشاعة الوجوه الحقيقية، التي تقاسمت معها ذكرياتك بشتى أنواعها، فالحياة مفاجئات، قد تأتيك من البعيد، وقد تأتي من أقرب الناس إليك. فهناك خذلان لا يغفر، وفي النهاية: ليس هناك أناس يتغيرون، بل هناك أقنعة تتساقط. .
ايام ثقال، وكأني اتنفس من ثقب ابرة. كأني اريد أن ابكي مثلما بكى ذلك الصحابي الجليل، حين سألوه: أتبكي على الدنيا ؟. فقال: (لا والله، دنياكم هذه لا تُبكيني. إنَّما أبكي مِنْ ثِقَلِ الحِمْلِ، وسوء الرفيق، وقلة الزاد، وبعد الطريق. والله إنها لأيام اثقل من الجبال). نسأل الله ان يجعلها أياما تمر ولا تضر. فيهدأ قلقي ويطمئن قلبي، ويستريح عقلي. .
هل تعلمون اننا في كل عام نمر بذكرى وفاتنا من دون أن نعرف التاريخ ؟!. .
الطمأنينة الوحيدة التي تسكن قلبي هي أنني تحت رعاية الله ورحمته في كل ظرف. أريد فقط أن أعود إلى حيث كان لكل شيء معنى، حيث لا ينبغي علي أن أشعر بالخوف طوال الوقت. .
ختاماً: يبدو انني لن أتغير حتى لو مر ألف عام. فالطيبة ليست ضعف وإنما هي حسن تربية. .