بقلم : حسين الذكر ..
قبل الاف السنين قال الفيلسوف الصيني صن زو : ( ان افضل الانتصارات الحربية التي لا تخوض بها معركة واحدة ) ..
كما يقول اهل العلم السياسي : ( ان الحرب تعد فشل ذريع للسياسية ) !
من مهام القيادات السياسية ناضجة الحرص على مصالح بلدانهم وحفظ امنه الاجتماعي والثقافي والاقتصادي سيما الاستراتيجي منه كافضل اهداف يمكن ان تحققها القيادات برغم المد المتلاطم من موج الحروب والمؤامرات والصراعات – من اجل البقاء – كفلسفة عامة حكمت الانسان وتحكمت بمصيره منذ الازل . اذ ظلت القوة تتحكم في المصير وما الردع والدبلوماسية والعمل .. الا وسائل متعددة للوصول الى هذه الغاية .
عملية القيادات السياسية صعبة بل معقدة جدا جدا تتطلب الكثير من الحنكة والخبرة والدراية والصبر والتاني والشجاعة وان تجيد فن الحوار والتفاوض كما تتقن فن القتال والحرب .. وقد سيطر هاجس التوازن والتحالفات على المشهد السياسي العالمي تحديدا بعهد روما التي ظلت سياستها قائمة على التحالف والاحتواء والتبعية كما انها لا تتوان باستخدام القتل والانتهاك والاجرام من اجل تحقيق مصالحها التي قيل وما زالوا يقولون ان كل الطرق لا بد لها ان تمر من عاصمتهم .
منذ الرد الإيراني الأخير وضرب تل ابيب بضربة غير مسبوقة بمعزل عن احصائيات مردوداتها المادية والمعنوية ظلت إسرائيل تعلن انها سترد بقوة مفرطة وتلك القوة تعني بالقاموس السياسي حرب شاملة واسعة .. بل تفهم من قبل جيل المثقفين العرب وليس الغرب انها حرب تؤسس لتغير استراتيجي بشكل جذري .. وهنا تكمن خطورة المشهد اذ ان : ( الردع والردع المقابل سيكون هو السباق في علمية الرسم والختم ) .
سيطر المشهد بسخونة أوقفت مشاريع وعطلت مطارات وتاجلت خطوات وترتيبات خاصة وعامة وبرغم استمرار الحرب في قطاعي غزة وبشكل اكثر شراسة وعمق في جنوب لبنان الذي على ما يبدو قد اذى كثيرا إسرائيل واحرج ( قيادتها) .. كجزء من الدبلوماسية المساندة للمفاوض الإيراني عباس عراقجي .
ذلك ما لمح به نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني قبل لقاءه بمبعوث الأمم المتحدة : ( ان رسائل القصف الاسرائيلي للضاحية الجنوبية ولبنان ليلة اللقاء لا يمكن ان تشكل وسيلة ضغط علينا بالتفاوض ) . في تصريح له مغزاه ومعناه ويفهم منه ان انفراج ما يرسم بعناية وان ما يحدث هو عملية الاتفاق على المخرجات التي سوف لن تغير كثيرا من خارطة المشهد المعهود منذ سنوات ..
في ما يمكن تسميته نجاح المفاوض السياسي للطرفين مع تدخل اطراف عربية مهمة .. فقطر وعمان مازالتا على الخط مباشرة كما ان السعودية وايران تستعدان لمناورات عسكرية مشتركة بالخليج في رسالة احدث يمكن لها ان تختصر رؤى التفكير التحليلي لمن يجيد فن التحليل .
صواريخ إسرائيل على طهران اخذت وقت طويل بالمخاض السياسي وخلف الستار حتى تصل الى هذا الحد المقبول من جميع الأطراف حفاظا وتماشيا مع مخرجات المشهد الأخير .. الذي شكل احباط للكثيرين ممن كانوا ينتظرون ضرب طهران وازالتها من الوجود وما يمثله من تاثيرات ذلك على المشهد الإقليمي .. ليس بدوافع دينية او قومية كما يتوهمون بل لللافادة الشخصية والادمان النفسي مع انهم لا يحبون إسرائيل .. لكن منهجية ( فرق تسد ) ما زالت قائمة على قدم وساق يتورط بها الكثيرين وان لم يفهم معناها المؤدلجون جينيا !