بقلم : حسين الذكر ..
من المشاهد المحيرة للتفكير عند الاحتلال الأمريكي للعراق .. ان المحتلين وفقا لمنهج استراتيجي لا يفعلون اشيائهم بناء على مزاج شخصي او حزبي .. فالقرارات نتاج منظومة متكاملة تبقى سرية منذ التخطيط حتى التنفيذ وما بعد التنفيذ .
جميع التوقعات كانت تشير لاسقاط نظام صدام بعد حرب الكويت مباشرة .. الا انهم اخروها عقد من الزمان تقريبا . لم يكن ذلك جزافا او بناء على رغبة عربية او إقليمية كما يتوهم البعض .. بل منظومة المصالح الغربية لا تتحرك الا بتوفر شروط النجاح الاستراتيجي .. فالمتتبع لما حدث في عراق التسعينات من قرارات عراقية او اممية كان لها اثر وصوت وفعل واضح بعد 2003 ..
الدكتور عبد الله النفيسي شخصية اكاديمية كويتية متميزة خلال عقود خلت كان له راي مثير مؤثر بالراي العام العربي .. تداول له مقطع مجتزأ من محاضرة يتحدث فيه حول ما يجري بغزة ولبنان ..
يشير النفيسة الى ان الصهيوني غوردن توماس مؤلف ( كتاب جواسيس جدعون ) يشرح أسباب التفوق الإسرائيلي على العرب ، مضيفا : ( ان الثغرات العربية هي التي خدمتهم للسيطرة عليهم .. كما ان الخلافات العربية العربية تعد نتاج غربي تطبيقا لمبدا فرق تسد قائم التحديث والتصوب والاستدامة الاستراتيجية) .
في كتاب جدعون .. يثبت غوردن بانه لا يوجد خط فاصل بين الموساد الاسرائيلي والمخابرات العربية .. بل يذهب ابعد من ذلك الى ان الموساد هو من يدرب الكوادر الأمنية والمخابراتية العربية ..
ثم يضيف النفيسة بلغة ساخرة : ( ان النظام الأمني العربي والإسرائيلي واحد لا يختلف الا بسلم الرواتب .. وما القمم العربية ونتاجاتها الا كذب لا تتوقعوا منها الصدق ولو تعلق رؤساء وملوك العرب باستار الكعبة) .
على هامش الندوة يشير د عبد الله الى الكاتب اليهودي افي شليم عراقي الأصل – ممن نزح الى إسرائيل في مسرحية تهجير اليهود من العراق بسيناريوا لا يختلف كثيرا عما جرى في الربيع العربي – ان لم يكن كاتب السيناريو واحد – . !
وفقا لافي شليم : هناك نظام امني واحد بين إسرائيل والعرب .. واذا ارد رئيس او ملك عربي يزور دولة عربية ، لا تتم الا براي الموساد وتوجيهاتهم .. بل يروي شليم بان احد الملوك العرب ذهب الى بريطانيا للعلاج .. ثم التقى الموساد هناك وقدم لهم فرشة معتادة روتينية .. يعبر عن ذلك النفيسي بما ساماه ؛ ( التداخل والتخادم الرسمي العربي والصهاينة ) مؤكدا على انه متين وقديم جدا ..
ثم يعرج الى ما يمكن تسميته ( بالاستحمار ) تلك النظرية الثابتة التي افضى الشهيد د . علي شريعتي كل ما عنده وافرغ اهم ما توصل اليه فيها .. قال النفيسة بصريح العبارة : انهم يحولون الشعوب الى اغنام .. والشعوب العربية مجرد ( ياخور غنم ) . وينبغي إعادة صياغة عقلياتنا بعيدا عن منطق العقلية العشائرية السذاجة مهددا و متنبئا بوصول الصهاينة الى الخليج .
أخيرا .. لابد لنا من التسائل : ( هل الدكتور النفيسي اخذ الموافقة مسبقا على طرحه .. في ظل هيمنة الخط الأمني الموسادي الموحد ام انه اجتهد بذلك ) .. سيما في بعض الحكومات العربية التي لا تسمح بشيء يخالف منهجية ياخور الغنم السائدة !؟ .