بقلم : د. سمير عبيد ..
تمهيد:بلا شك عندما أكتب فأنا لستُ خارج السرب.ولكني رجل واقعي وأُقدّس مهنيتي ومصداقيتي .واعرف قيمة العراق عند الله وعند التاريخ والمستقبل. واعرف أنه قطب الرحى بالنسبة للمنطقة. واعرف ينتظره مستقبل واعد بعد رحيل كارهيه وسارقيه من العرق الدساس ومن عملاء الخارج . وولائي الاول والأخير للعراق وحده وسأبقى حتى يأخذ الله أمانته.” وان حب الأوطان من الإيمان” !
أولا:-هل سأل الساسة الشيعة الذي أحتكروا المشهد السياسي ” المسرح السياسي” في العراق بعد عام ٢٠٠٣ وحتى الساعة أنفسهم “لماذا تكرههم مانسبته ٩٠٪ من شيعة العراق و٩٥٪ من الشعب العراقي، ولا تحبهم المنطقة بأسرها ؟”. وان سألوا انفسهم فالمفروض يجلسوا لدراسة هذه الظاهره وأسبابها ويخرجوا بنتيجة او استراتيجية جديدة وطريقة ادارة وتعاطي جديدة اولها الاعتذار من الشعب وتغيير المسار الخاطىء . اليس كذلك ؟ . ولكنهم وللأسف لم يفعلوا ذلك. بل عشقوا الوهم الذي هم فيه على ان شيعة العراق يعشقونهم، وان الشعب العراقي سعيد بهم وسعيد بمشروعهم الطائفي الذي ذبح الوطن وذبح الوحدة المجتمعية العراقية وشوه الدين والمذهب الشيعي العلوي العربي. وهو نفس الوهم الذي غرق فيه صدام حسين ورفاقه وغرق فيه قادة حزب البعث الذين كانوا يعتقدون ان الشعب يعشقهم وسوف يضحي من اجلهم . فضيعوا العراق . بحيث جاءت أمريكا وبريطانيا وإسرائيل و٣٠ دولة معهم ليحتلوا العراق ولازالوا ودمروا وسرقوا كل شيء !
ثانيا :
أ:-فللتاريخ والاجيال نُذكّر وبكل أمانة .فعندما حدثت ثورة العشرين 1920 العراقية المجيدة ضد الاحتلال الإنجليزي والتي أسست الدولة الوطنية “ولنا الشرف ان اول من فجرّها جدنا الكبير الشيخ شعلان ابو الجون الحچيمي الشمري وأعمامنا بني حچيم في الرميثة والسماوة ثم انتشرت الثورة في جنوب ووسط العراق، والتحق بها السنة عبر الشيخ ضاري الزوبعي الشمري ومن معه، وكذلك التحق بها الأكراد عبر الشيخ الحفيد ومن معه رحمهم الله جميعا” لم تتجاوب معهم المرجعية الشيعية في النجف لمدة ٣ أيام عندما ارادوا فتوى بقتال الإنجليز. والسبب لأن الهيمنة كانت طاغية على مرجعية النجف من قبل رجال الدين الإيرانيين الذين كان يحركهم الشاه الإيراني ونظامه والذي كان حليفا لأمريكا وبريطانيا ويكره العراق كثيرا.فذهبوا إلى سامراء اي قادة ثورة العشرين فحصلوا على الفتوى من المرجع الشيرازي رحمه الله ومضت الثورة المجيدة !
ب:-وعندما انتصرت الثورة على المحتل الإنجليزي في المدن الشيعية والعراق دار النقاش والجدل بين الشيعة . ونعطي شهادة تاريخية من الكتب وهي ( نهض احد الثوار في الفرات الأوسط في النجف وخاطب احد قادة ثورة العشرين وهو السيد علوان الياسري رحمه الله وقال له : سيدنا احنا انتصرنا على الإنجليز بعد وين نروح ؟ صارت الدولة من حقنا مو ؟ فالتفت اليه السيد علوان الياسري وضرب على أخمص بندقيته وقال ” إذا تركتوا هاذي راح تروح حقوقكم ” وكان يقصد إذا تركتم بنادقتكم وثورتكم ستتبخر حقوقكم ) وكان يقصد البقاء على زخم الثورة واستثمار نتائجها لصالح الشيعة والعراق!
ج:-وبالفعل نسف المستعمر الإنجليزي كل شيء واخرج شيعة العراق صفر اليدين . وعندما نسقت بريطانيا مع بعض كبار رجال الدين في النجف وبضغط من نظام الشاه الإيراني لينسفوا حقوق الشيعة العرب العراقيين عندما اعطوا تعليماتهم لمراجع الدين الإيرانيين أن ينشروا تعليماتهم مثل ( لا يجوز للشيعي التطوع في الجيش والشرطة ، ولا يجوز له العمل بالسياسة ، ولا يجوز له العمل بالأجهزة التابعة للدولة، ولا يجوز العمل بالدولة ولا يجوز ولا يجوز ) وبسبب ذلك سُرقت الثورة من الشيعة لأكثر من 80 سنة وذهبت لصالح ” السنة وأحزابهم القومية وغيرها التي تعاقبت على حكم العراق ” وبقي الشيعة مضطهدين وبوظائف متدنية وحطب للحروب والأزمات والقمع والتهجير والتغييب والإعدام … الخ لأكثر من 80 عاما!
ثالثا :
أ:- وعندما تم اسقطت الولايات المتحدة نظام صدام الديكتاتوري القمعي الظالم عام 2003 وتبوأ ( الشيعة ) حكم العراق ظنَّ شيعة العراق سوف تحسدهم جميع المذاهب والطوائف والشعوب في المنطقة والعالم ،وسوف يصبح العراق جنة وربيع كرد فعل للظلم الذي عانى منه الشيعة والعراق من نظام صدام حسين. وسوف يكونوا شيعة العراق في سعادة وبحبوحة .لا سيما وانها الفرصة الاولى التي يحكم الشيعة بعد 1400 سنة خصوصا عندما سُرقت منهم الحكم والسلطة في عام 1920 بتخطيط ايراني ” الشاه” وتخطيط بريطاني وبمساعدة مراجع في النجف آنذاك ( بحيث حتى بعد عام ٢٠٠٣ وبحقد انجليزي وتوجيهات خارجية ابقوا محافظة المثنى ” السماوة ” من افقر المحافظات ومن المحافظات المغضوب على سكانها و حتى بحكم الشيعة بعد عام ٢٠٠٣) …فليس اعتباطا بقيت السماوة مابعد عام ٢٠٠٣ من افقر المحافظات !
ب:-فالذي حصل عكس جميع التوقعات بحيث ان الشيعة الذي تبوأوا الحكم وبدلا من حماية وقوة العراق وجعله بلداً مزدهراً ،وبدلا من جعل الشعب العراقي في امان وسعادة، وجعل الشيعة العراقيين في بحبوحة حدث العكس بحيث جعلوا معظم العراقيين يترحمون على نظام صدام حسين. بحيث لم تبقى دولة ولم تبقى سيادة ولم يبقى أمان ولم تبقى زراعة ولا صناعة ولا صحة ولا معامل ولا مصانع ولا كهرباء ولا خدمات ولا تعليم ولا كرامة للعراقيين، لا بل تدمرت الطبقة الوسطى في المجتمع، وتدمرت الطفولة، وتدمر مستقبل الشباب العراقي الذي وجد نفسه يغوص في البطالة والمخدرات والقحط والضيم والتقهقر ( فعندما يكون العراقي متطوع في المليشيات وجيوش ومؤيدي الاحزاب يعيش هو وأسرته براتب يكفيه وعكس ذلك يكون مصيره سوق البطالة والضياع ) . والطامة الكبرى ايضا لعب ” معظم” رجال الدين الشيعة دوراً كبيرا في هذا الضياع والتقهقر ومأسسة الفساد مابعد عام ٢٠٠٣ وكأن التاريخ يعيد نفسه في زمان الشاه وزمن حكم رجال الدين بإيران !
ج:- والطامة الكبرى فالشيعة الذين تبوأوا الحكم في العراق بتحالف مع السنة والأكراد حاربوا العروبة جدا وكرّسوا الطائفية كحكم ودين وثقافة وسلوك.وحاربوا الوطنيين والمناضلين والكفاءات ودعموا العملاء والمزورين وارباب السوابق وبعثيي الخواتم وبقايا القاعدة وداعش وغيرهم. ووهبوا العراق واقتصاد العراق وقرار العراق وثروات العراق إلى الخارج وبمقدمة الخارج هي ايران بحيث اصبح العراق سوق استهلاكي لصالح ايران ( بحيث اصبحوا يعملون ويسهرون ويسرقون وبقررون لصالح سعادة وتنمية ايران على حساب العراق والشعب العراقي ). فأنتشرت وتعززت مقولة ( إن الشيعة مو مال حكم ) في العراق والمنطقة والاقليم والعالم. وهذه بحد ذاتها جريمة اغتيال سياسي بحق رجال الشيعة العرب العراقيين !
رابعا:- والنتيجة بقي العراق وللسنة 21 مثلوم السيادة والكرامة وليس لديه هيمنة على سمائه ومائه وترابه. والدول واستخباراتها تصول وتجول في العراق. وتربع العراق منذ اكثر من ١٥ عام في قائمة الدول الفاشلة والدول الفاسدة عالميا. اما لو تطرقنا إلى مسرحية الديموقراطية والانتخابات فهي انتخابات مزورة في جميع مراحلها والوجوه المهيمنة تنتج نفسها في جميع الفترات الزمنية ولازالوا. واصبحت الدولة العراقية تقاد من سلطات وليس حكومات .وان المليشيات والقوى التي خارج الدولة هي التي تهيمن على الدولة. واخيراً اصبح العراق ينتظر البطش الإسرائيلي الذي ينتظره العراقيين بأية لحظة والطبقة السياسية مثل الاطرش بالزفة. خصوصا عندما بيضت وجه صدام حسين ورفاقه وهذا كلام الشارع العراقي
الخلاصة : لقد ارتكب الساسة الشيعة ومعهم رجال دين يعرفهم الشيعة جريمة تاريخية نكراء بحق العراق وبحق شيعة العراق وبحق عروبة العراق وبحق تاريخ وكرامة وحضارة العراق .لانهم تحالفوا مع أسوء رجال وطبقات من الطائفة السنية وحاربوا شرفاء هذه الطائفة .وتحالفوا مع الأكراد بقبول موقع (العبد) والأكراد بموقع ( السيد ) ولا زالوا. .. لذا صار واجباً شرعياً واخلاقيا ووطنيا التخلص من هذه الطبقة السياسة والدينية التي دمرت العراق وسحقت شيعة العراق العرب وشوهت تركيبة ووحدة المجتمع بالجندر والشذوذ والالحاد والمخدرات ونشر الموبقات والمحرمات … الخ !
كفى سكوتا على هذا التدمير الممنهج ضد الدين والمذهب وضد الاخلاق وضد العروبة وضد العراق وضد المجتمع وضد الاسرة وضد كرامة وشرف العراقيين وسمعتهم في المنطقة والاقليم !
ملاحظة: هناك اقلية قليلة جدا من الشيعة داخل الطبقة السياسية محترمين ووطنيين ويحبون العراق ولكنهم محاصرين من الديناصورات والحيتان الذي تغولوا في كل شيء !
سمير عبيد
٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤