بقلم: كمال فتاح حيدر ..
للشاعر بيرم التونسي قصيدة قديمة يقول فيها: (يا بائع الفجل بالمليم واحدةً كم للعيال وكم للمجلس البلدي ؟) وكأنه يتحدث عن معاناتنا هذه الأيام. .
لم يستفق المتقاعدون من صدمة الإحالة القسرية التي عصفت بهم، وسودت عيشتهم عام 2019 حتى تلقوا صدمة ارتدادية جديدة بالقرار 24888 الذي اتخذه مجلس الوزراء بالجلسة 47 المنعقدة في 19 / 11 / 2024 والذي قضى باستقطاع 1% من رواتبهم بصيغة التبرع لضحايا الحرب، والغريب بالأمر ان هذا الاستقطاع جاء متزامنا مع ارتفاع حصة الإقليم بنحو 1% ربما صدفة، وربما اجراء غير مقصودة، لكن هذه المفارقة المالية أسقطت علينا ورقة الدهشة. .
يقول قرار مجلس الوزراء: في حال عدم رغبة المتقاعد بالتبرع، يتعين عليه التقدم بطلب رسمي إلى مقام السيدة وزيرة المالية يبين فيه عدم رغبته بالتبرع، فتتولى الوزيرة دراسة الطلب، ومن ثم تأمر برفع أسم المتقاعد من قوائم المتبرعين. آخذين بعين الاعتبار ان المتقاعدين ليست لديهم منظمة تطالب بحقوقهم، ولا كتلة برلمانية تحميهم وترعى شؤونهم، ولا تتوفر لديهم القدرات المالية والبدنية التي تؤهلهم للخروج مهرولين من منازلهم صوب وزارة المالية، ثم كيف ينتقل المتقاعد المعتكف على نفسه في أرياف البصرة أو في مدينة القائم، وكيف يتوجه إلى بغداد لمقابلة السيدة الوزيرة ؟، وكم سيكلفه الانتقال بسيارات الأجرة (ذهابا وإيابا) ؟. .
لا ندري كيف يفكر وزراء العراق ؟، فبدلا من استقطاع 1% من رواتب المتقاعدين كان الأجدر بهم فرض الرسوم الجمركية على المنتجات الأردنية (الصناعية والزراعية) المتدفقة علينا من منفذ طريبيل. والتي أعفاها (الكاظمي) من الرسوم. . فما الذي يمنع الدولة العراقية من التبرع بالرسوم الجمركية ؟. .
ثم كيف تستقيم الاحوال بين الإجراءات التقشفية في الترشيد والاستقطاع في التعامل مع المواطن العراقي بينما تبدي الدولة استعدادها للتبرع بنفطها الى الأخوة الأعداء بأسعار رمزية ؟. .