تحليل / سمير السعد ..
في أعقاب وقف إطلاق النار بين العدو الصهيوني وحزب الله في جنوب لبنان، شهدت المنطقة تحولًا مفاجئًا في التحركات العسكرية، حيث تم فتح جبهة جديدة في سوريا بشكل مباشر. هذا التصعيد لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي والدولي الذي يمر به الصراع في المنطقة. فهل هذا التحول هو محاولة لخلق صراع جديد يشتت الانتباه ويشغل محور المقاومة في سوريا، أم أنه استراتيجية ضغط وقطع للإمدادات على حركات المقاومة في لبنان وفلسطين؟
من الواضح أن هذا التصعيد يأتي في توقيت حساس، إذ يمثل مرحلة من التوترات المتصاعدة في أعقاب الخسائر التي تكبدها الجيش الصهيوني في جنوب لبنان، وهو ما يعكس حالة من الإرباك داخل المؤسسة العسكرية الصهيونيه تزامنًا مع ذلك، يشير الخبراء إلى أن فتح جبهة سوريا قد يكون محاولة لصرف الأنظار عن الهزائم التي لحقت بالجيش الصهيوني ، وتحويل الرأي العام بعيدًا عن التحديات العسكرية التي يواجهها في لبنان.
لكن لا يمكن تجاهل أن القوى الكبرى في المنطقة، سواء كانت دولًا إقليمية أو قوى عالمية، لها مصلحة في خلق مسارات صراع جديدة أو تحريك جبهات أخرى قد تعيد رسم التوازنات. فإشغال محور المقاومة في سوريا قد يسهم في إبطاء أو تعطيل قدرات هذا المحور في دعم حركات المقاومة الأخرى في لبنان وفلسطين.
في المحصلة، يبقى السؤال الأهم ، هل هو تحول استراتيجي جاد لفتح جبهة جديدة ضد محور المقاومة في سوريا، أم مجرد محاولة فاشلة لتغطية الهزائم وتعكير صفو الأمن في المنطقة؟ الإجابة لا تزال غير واضحة، ولكن ما هو مؤكد أن المنطقة مرشحة لمزيد من التصعيد في الأيام المقبلة.
في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال الصهيوني البحث عن مخرج من هزائمه في جنوب لبنان، يزداد التساؤل حول التحركات العسكرية الأخيرة على جبهة سوريا، والتي جاءت مباشرة بعد وقف إطلاق النار بين العدو الصهيوني وحزب الله. هذا التصعيد العسكري المفاجئ يثير العديد من الأسئلة حول أهدافه الحقيقية والجهات التي تقف وراءه، وهل هو جزء من استراتيجيّة أكبر لإعادة تشكيل الموازين في المنطقة أم أنه مجرد محاولة لخلق حالة من الإرباك والتشويش في ظل الضغوط المتزايدة على الكيان الصهيوني؟
قد يكون جزء من هذا التصعيد مرتبطًا بمحاولة الضغط على محور المقاومة بشكل عام، وبخاصة في سوريا التي تعتبر عنصرًا محوريًا في دعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية. فإشغال سوريا بمعركة جديدة قد يحد من قدرتها على دعم الفصائل المقاومة، ويخلق تحديات إضافية للأطراف التي تعمل على إضعاف هذا المحور. من جهة أخرى، يمكن أن يكون الهدف هو قطع الإمدادات التي تصل إلى حزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية عبر الأراضي السورية، وهو ما يضعف قدرة هذه الحركات على مواجهة التهديدات الصهيونيه .
أما عن الموقف الصهيوني فإن هناك احتمالًا كبيرًا بأن هذا التصعيد هو نتيجة مباشرة للهزيمة التي تعرض لها الجيش الصهيوني في جنوب لبنان، حيث تكبد خسائر فادحة وتعرضت قواته لهجمات نوعية من قبل حزب الله. وفي هذا السياق، قد يكون فتح جبهة سوريا وسيلة لتحويل الأنظار عن هذه الهزائم، سواء من خلال تصعيد العمليات العسكرية أو عبر زيادة الضغط على حلفاء المقاومة في سوريا ولبنان.
يبقى التصعيد على جبهة سوريا علامة استفهام كبيرة، ويحتاج إلى تحليل دقيق للوقوف على نوايا القوى المختلفة في المنطقة. لكن المؤكد هو أن هذا التصعيد سيضيف مزيدًا من التعقيد للأوضاع في الشرق الأوسط، وسيزيد من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة، في وقت يشهد فيه العالم تحولات جيوسياسية كبرى قد تعيد تشكيل ملامح الصراع في المستقبل القريب.
بالإضافة إلى ذلك، يظل من الواضح أن التصعيد العسكري على جبهة سوريا قد يساهم في إحداث تحولات كبيرة في الرأي العام، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي. ففي حال نجح هذا التصعيد في تحقيق بعض الأهداف العسكرية المعلنة، مثل إضعاف قدرة سوريا على دعم حركات المقاومة أو إرباك تحركات القوى الإقليمية المتحالفة مع محور المقاومة، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير بعض التوازنات في المنطقة. وفي المقابل، فإن فشل التصعيد أو تكبد العدو الصهيوني لخسائر جديدة، قد يساهم في تعزيز موقف محور المقاومة وزيادة الدعم الشعبي له في مواجهة الاحتلال.
وفي النهاية، لا يمكن تجاهل تأثير هذه التصعيدات على الأوضاع الداخلية في الدول المعنية، حيث تزداد معاناة الشعوب نتيجة للعمليات العسكرية المستمرة. فالحروب في سوريا ولبنان وفلسطين تؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، مما يزيد من الاحتقان الشعبي ويزيد من أعداد النازحين والمشردين. وهذا قد يعزز الدعوات الدولية للمزيد من الضغط على الأطراف المتورطة، بغية الوصول إلى حلول سياسية تسهم في تهدئة الأوضاع وتجنب تصعيد أوسع قد يكون له آثار كارثية على المنطقة.
من غير الممكن الجزم بما إذا كان هذا التصعيد سيؤدي إلى تحولات استراتيجية كبيرة في المنطقة أو سيظل مجرد محاولة للفت الأنظار عن الهزائم الصهيونية . لكن المؤكد أن المنطقة تدخل في مرحلة جديدة من الصراع، والتي ستستمر في رسم معالم الوضع الإقليمي على المدى القريب والبعيد.