بقلم : حسين الذكر ..
لم تكن تلك أول مرة تخطو قدماي على وقع صمت الليل ، في أول كَلْكل للغسق ، لم تعد هناك إمكانية لتعديل خارطتي بعد أن ساقتني الأقدار إليه ، لم أحدده هدفاً مسبقاً يوماً ما ، ولم تعلمني المراحل كيفية التعاطي معه ، علماً أني لا أخجل من الاعتراف بظل الطريق ، مع الانقياد التام لمقود ظل قابض على مكنوني ومخرجاتي حد الاستسلام .
كاد الخوف يعتصرني لولا شبحية ضوءٍ في متعرجاتٍ تراءت قرباً مع بعدها المفترض ، لكني لم أكن أظنه نفقاً ، مع هشاشة الرؤية ، ورعش الانسياق ، إلا أني اتخذت منه دليلاً لعلي أعبر محطات طريق لم أسِر فيه من قبل ، ولم أفكر في الإتيان فيه مرة أخرى .
كلما تمايلت من وقع الأثر نبحت الكلاب بعيداً وقريباً مني .. شعرت أنها تنطق من وجداني ودواخلي ، ثم تساءلت ألف مرة عن ذلك الخيط الرفيع الذي ما زال يلاصق خطواتي منذ قديم الأزمان ، فلم ينقطع برغم اهتراء كيانه ، ما الذي يربطني بتلك الموجات النباحية الحانية تارة والمتوعدة تارة أخرى ؟
لست صديق طريق ، و لم أمتهن لعبة قطاع الطرق ، ولا أجيد فن الاستلاب ، لكن صداها يختلج أعماقي ، ويتقدُ فكرةً برأسي ، لعلني أتذكر مِن هذه المجاميع السائبة مَن كان منهم رفيقاً لي في ظلامات رحم أنجبنا بسفاح غريب و اتساق عجيب .
لم أعد أفكر بكيفية الوصول ، ولم أتذكر ما الهدف الذي عانيت وخاطرت من أجله ، فقد سلب الارتعاش والتيه لب رأسي ، وخمد من الخوف نبض قلبي حداً تيقنت فيه أن النهايات لا تختلف كثيراً عن البدايات سواء قبل استيعاب ضوضاء النباح أم بعده برغم تعدد النباحين !!