بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لا توجد مقررات ولا مناهج ولا معاهد لدراسة علوم العاطلين عن العمل، لكن رواسب هذه (العلوم) مترسخة ومنتشرة ولها جذور تاريخيّة ضاربة في اعماق مجتمعاتنا، وربما توارثتها الاجيال. جيل بعد جيل حتى صارت من موروثنا الشعبي. .
مثال على ذلك قولهم: أن الحكة في اليد اليمنى تبشر بقدوم رزق، والحكة في اليد اليسرى تشير إلى فقدان المال. وان تقليم الأظافر يوم السبت من المحرمات من دون ان يبينوا اسباب التحريم، ولم يثبت لدى الاطباء والفقهاء تحديد أيام معينة لقصها والعناية بها. .
وقولهم: أن رفة العين اليسرى فأل سيئ، ورفة العين اليمنى فأل حسن، وان الغصة في الأكل أو أثناء شرب الماء تأتي بهدية من قريب. وان اندلاق القهوة على الأرض فيها إشارة لخير قادم، أما إذا انسكبت على الثياب فهي علامة تنذر بخطر داهم، وان غسل الثياب يوم الجمعة يذهب بالرزق ويجلب الهم والغم. وان مشي الطفل على يديه ورجليه من الدلائل على قدوم الضيوف. . معظمهم يتشائمون من القطة السوداء، ومن نعيق الغربان. . وقولهم: ان طنين الأذن اليمنى يعني أن هناك أشخاص يذكرونك بالخير، وإذا كان الطنين بالأذن اليسرى، فهناك من يذكرنك بسوء. .
حتى جاء اليوم الذي اختلطت فيه التوجهات السياسية بالخرافات الموروثة، وجاءنا من يحبب الينا تناول البطيخ الأحمر بدعوى ان تناوله بعد غروب الشمس يخصم لنا 70 الف ذنبا من ذنوبنا المتراكمة. .
ثم طرح علينا دهاقنة العملية السياسية (المعاقة) فكرة: المجرب لا يُجرب، بدعوى ان المُجرب لا يصلح للعمل بوظيفة حارس في كراج فندق فلسطين مريديان، حتى لو كان هذا (المُجرب) هو الخوارزمي، أو نعوم تشومسكي، أو نيقولا تسلا، أو حتى لو كان فيثاغورس بشحمه ولحمه. .
واستكمالا لما تقدم قام العاطلون عن العمل بتشكيل جيوش من الذياب الإلكتروني لدعم أوهام العظمة لدى النخبة السياسية التي دمرت العراق، وأنهكت الشعب في الأعوام الماضية، وبات من المؤكد ان المستقبل سوف يكون أدهى وأمر إذا لم يرتفع صوت العقل والحكمة. فعلى الرغم من أن الغالبية الساحقة تنبذ المحاصصة، وتبغض الفساد، وتتطلع نحو عراق أجمل، ولكن هنالك فئات متنفذة ظلت متمسكة حتى الآن بالخرافات وتسميم عقول الناس بأوهام الطائفية والمناطقية والفئوية. .