بقلم: كمال فتاح حيدر ..
هذه محاولة وجدانية خاطفة للبحث عن (سعود) بين اليمامة والدهناء، وهي تختلف عن توجهات جبرا إبراهيم جبرا في (البحث عن وليد مسعود) تلك الرواية المريبة التي تضمنت إساءات واضحة ومقصودة للمجتمع البغدادي. .
نحن هنا نبحث عن رجل اسمه (سعود) رسم ملامحه أمراء الشعر النبطي منذ قرون، فاخترق حواجز الزمان والمكان، واختزل المسافات، وتنقل بين الشواطئ والواحات. تارة يظهر بملامح نجدية، واحيانا بخصال حجازية، وله اكثر من أثر في الوجدان الخليجي، قد تراه يتجول في دروب المحرق (البحرين). وقد تجده يرعى الابل في (العين). أو يغفو على ضفاف شط العرب. حتى صار علامة فارقة في الشعر النبطي، فأنشغل به الشعراء منذ قرون من دون ان يعثروا عليه، فهو بالنسبة لهم أيقونة للوفاء والجود والعطاء والنخوة العربية الصادقة، وهو الصاحب الودود والأنيس المحمود. وهكذا ظل اسمه يتكرر في قصائد الأجداد والأبناء والأحفاد، ويتردد في أغانيهم وفي مساجلاتهم البدوية، وفي رحلات الصيادين والباحثين عن اللؤلؤ. .
قال احدهم مناجياً (سعود):
ياسعود قلبي من هوى الزين مجروح
جرحٍ عطيب بعـد فرقا حبيبه
للصاحب اللي بالتواصيف مملوح
طوّل غيابه يا عسى الله يجيبه
———
وقال آخر:
يا سعود والله ما بقى شي يا سعود
غير الرسوم اللّي عليها الهبايب
مازال باب البيت والعَقم موجود
لكن بابه صوت من راس شايب
———
وقال بعضهم:
يا سعود كان الناس يدرون عن شي
اشيا ترى ما تدري الناس عنها
يدري بها اللي يازن الشمس والفي
مكفّن اسرار القلوب بكفنها
———
وقال احدهم يناجي (سعود):
ياسعود ما تكفي من الريم وصوف
حتى عيوبه تستحي لا تعيبه
لا مر طاري وجنتيها على الجوف
يفرح به العاقل وتسمع نحيبه
———
وأرسل (عبدالله بن سعد الفراج) هذين البيتين إلى (سعود)، فقال:
يا سعود انا قلبي من الحزن مفضوح
حتّى ولو مابي ملامح تبيّن
اضحك مع المقفين وابكي من البوح
اثر المفارق شين ما هو بهّين
———
وقال الشاعر عبد الرحيم بن سعد المطيري:
ياسعود انا خاطري شـفقان
لديار من نارهم حيه
لا جيتهم ما انته بندمان
وهموم دنياك منسيه
———
لكننا عندما نقرأ قصيدة الشيخ (أحمد الجابر الصباح). نكتشف انه كان يناجي صديقه الحميم (سعود بن يوسف المطوع القناعي). بقوله:
ياسعود فات من الشهر خمسة وعشرين ما شفت خلي
خايف عليه من الخطر بين البساتين شرقي حولي
خوفي يشوقه غرسهم والمنظر الزين ماي وظلي
ما أحلى قوامه لا مشى مابين ثنتين وأقبل يهلي
ياسعود مافي صويحبي شي ٍ من الشين كود التغلي
———
وسوف يستمر البحث عن (سعود) الذي صار ملهما لرواد وطلائع الشعر النبطي بين اليمامة والدهناء. .