بقلم: كمال فتاح حيدر ..
دعك من الغالبية العظمى من نواب البرلمان وتخلفهم عن أداء واجباتهم الوطنية، ولكن هل سألتك نفسك عن سبب ابتعاد الخبراء الأكفاء من مشاركة المؤسسات التنفيذية في مشاريع النهوض والتنمية، وفي معالجة الإخفاقات المتكررة ؟. .
الحقيقة ان ابتعادهم لم يكن بمحض ارادتهم، فقد استبعدوهم عنوة، وفرضوا عليهم التهميش والعزلة، فسكتوا وصمتوا، لكن صمتهم كان رسالة بركانية متفجرة بالغضب، لا يسمعها إلا العقلاء. .
وجدوا انفسهم مرغمين على الصمت، ليس لأنهم لم يرصدوا مؤشرات الهبوط في الأداء، بل لأن الذين رسموا خارطة الفشل لا يريدون سماع أصوات الخبراء. ثم ان الاطمئنان لمدراء المحاصصة معدوم تماماً، فالتعامل معهم اشبه بمن يدس يده في كيس ممتلئ بالثعابين على أمل أن يعثر على عصفور بألوان زاهية. فالمسؤول الفاشل يبحث دائماً عن مطبلين وبوقچية يلتفون حوله كي يفرد ريشه، أما اصحاب المواهب والكفاءات فيزعجونه لأن وجودهم في مكتبه يضعه في حجمه الحقيقي. فالعاقل يجاهد في طلب العلم، اما الجاهل فيظن انه هو المستكشف الأوحد. .
إذا قرأ الغبي الكثير من الكتب الرخيصة سوف يتحول إلى غبي مزعج وخطير ومغرور، لانه سيصبح غبياً واثقا من نفسه. أسوأ أنواع الابتلاء أن تُبتلى البلاد بغليظ الفهم، محدود الإدراك، يرى نفسه أفهم الخلق وهو اغباهم. فالسرج المصنوع من الذهب لا يجعل الحمار جوادا أصيلاً، تماماً مثل بعض الاغبياء، الذين مهما ارتدوا من ثياب فاخرة لن يخرجوا من كهوف الغباء والتخلف. فلا تحاول تغيير طباع اللصوص والجهلة واصحاب الوجوه الزئبقية. وتذكر انك عندما ترى اهل السياسة يتحدثون كل يوم عن الشرف والوطنية، فأعلم ان البلاد تنُهب والفساد ينخرها. .
ختاماً سوف يحاول الاغبياء دفن الخبراء والعلماء، ويحاولون تغييبهم والاستغناء عنهم، لكنهم لا يعلمون انهم كالبذور تنمو وتزدهر حيثما غُرست في أديم هذه التربة الطيبة. .