بقلم : سمير السعد ..
وسط أهوال الحرب والقصف المستمر في فلسطين وغزة الصمود ، تقف الصحفيات الفلسطينيات شامخات، يواصلن أداء رسالتهن النبيلة لنقل الحقيقة وإيصال صوت المظلومين إلى العالم. هذه النساء الشجاعات لسن مجرد ناقلات للأخبار، بل هنّ رموز للمقاومة والصمود، يخاطبن العالم بحقائق مؤلمة عن معاناة شعبهن، ويؤكدن أن الكلمة قد تكون سلاحًا لا يقل قوة عن الرصاص.
تعرضت أكثر من “300 صحفية فلسطينية ” وفقًا لتقارير حقوقية، لاستهداف ممنهج طال منازلهن، ما بين تدمير كلي أو جزئي. هذا الاستهداف لا يُعد مجرد اعتداء على الأفراد، بل هو هجوم على حرية الإعلام وحق نقل الحقيقة. ومع ذلك، لم تُثنِ هذه الممارسات القمعية الصحفيات الفلسطينيات عن مواصلة عملهن، بل زادت عزيمتهن قوة وإصرارًا على أداء واجبهن المهني والوطني.
تُروى قصص ملهمة عن صحفيات واجهن الموت المباشر أثناء تغطيتهن للهجمات، وانتقلن من بين الأنقاض حاملات كاميراتهن وأقلامهن. بعضهن فقدن أسرهن أو منازلهن، ولكن ذلك لم يوقفهن عن توثيق جرائم الاحتلال، متسلحات بشجاعتهن وولائهن للقضية الفلسطينية.
في زمن الحرب، تصبح الحقيقة الضحية الأولى، لكن الصحفيات الفلسطينيات يُعدن إحياءها في كل تقرير يكتبن عنه، وكل صورة يلتقطنها، وكل صوت يوصلنه إلى العالم. إنهن يجسدن معنى التضحية والإصرار، متحديات كل أنواع القمع والإرهاب، ليقدمن شهادة حية على عدوانية الاحتلال وعنصرية سياساته.
إن استهداف الإعلاميات الفلسطينيات هو محاولة فاشلة لإسكات الحقيقة وتكميم الأفواه. لكن التاريخ سيذكرهن بأحرف من نور، كنساء وقفن في وجه الظلم بكلمة أقوى من الرصاص، وكاميرا أبلغ من أي سلاح.
إن التضامن معهن ليس مجرد موقف إنساني، بل هو واجب أخلاقي عالمي تجاه حماية حرية الإعلام ونقل الحقيقة. ورغم كل شيء، ستظل كلمتهن نورًا يهزم الظلام، وشهادتهن صوتًا يكسر الحصار.
وفي ظل هذا الواقع القاسي، نجدهن قد أعدن تعريف الشجاعة والالتزام في زمن الحرب. لم تكن رسالتهن مجرد نقلٍ للخبر، بل صارت أداةً لتوثيق التاريخ وكشف زيف روايات الاحتلال. من خلال عدساتهن وأقلامهن، استطعن تحويل المآسي اليومية إلى قوة دافعة تلهم العالم للوقوف مع الحق الفلسطيني.
هذه البطولات المذهلة لم تأتِ من فراغ، بل جاءت نتيجة إيمان راسخ بالقضية وبأن الحقيقة سلاح لا يُقهر. إنهن يدركن تمامًا أن كل صورة يلتقطنها، وكل قصة يروينها، وكل صوت ينقلنه، قد يكون الحبل الوحيد الذي يربط غزة المحاصرة بالعالم الخارجي، في ظل تواطؤ دولي وصمت يساوي الجريمة.
على الرغم من محاولات الاحتلال تدمير الروح المعنوية لهن من خلال استهداف منازلهن وأسرهن، إلا أنهن أثبتن أنهن أقوى من الحديد، إذ يظهرن يومًا بعد يوم في الميدان، متحديات الموت والخوف، ليؤكدن أن الحقيقة لا يمكن قمعها.
إن الدور الذي تلعبه الصحفيات الفلسطينيات اليوم يتجاوز الميدان المحلي ليصل إلى ضمير العالم. فقد باتت صورهن وأصواتهن مرآةً تعكس وجه الاحتلال القبيح، وتكشف حجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيون يوميًا.
لن تُنسى تضحيات هؤلاء البطلات، فكما قال أحدهم: “التاريخ لا يُكتب فقط بمن يصنع الأحداث، بل بمن يوثقها وينقلها.” وستظل الصحفيات الفلسطينيات مثالًا حيًا للشجاعة والصمود، يلهم الأجيال القادمة بأن الكلمة الحرة قادرة على هزيمة القهر والظلم.
المسؤولية “الأخلاقية دعم حرية الإعلام”
إن دعمهن اليوم ليس مجرد موقف تضامني، بل هو موقف عالمي ضد قمع الحريات وضد محاولات تغييب الحقائق. يجب على المؤسسات الإعلامية الدولية ومنظمات حقوق الإنسان التحرك الفوري لحمايتهن وتعزيز قدرتهن على أداء عملهن دون خوف أو تهديد.
إن صمودهن هو رسالة لكل من يحمل الكلمة أمانة، بأن النضال من أجل الحقيقة ليس مجرد عمل، بل هو تضحية مستمرة من أجل مستقبل أفضل.
صحفيات بزمن الحرب