بقلم : هادي جلو مرعي ..
يدفعها عند الفجر جهة كراج النهضة، ويضع فيها كمية كبيرة من الخبز، ويعود عند المساء، لكنه يعود ومعه بعض الخبز الذي يوزعه على الفقراء في المنطقة التي يقيم فيها، ويذهب أحيانا ليقف على أحد جسور دجلة ليرمي بقايا الخبز في النهر العتيق ليكون طعاما للأسماك، كان حسين الفيلي صاحب الكراج الذي يقوم بتصليح محركات السيارات الثقيلة يراقب المشهد عندما يخرج ليتنفس بعض الهواء البارد. وكان يراقب الشاب الأسمر، وهو يمر عند الفجر ، وحين يعود ساعة المغربية، ويمر ليضع بعض الماء على وجهه..سأله أن يبتاع منه كمية الخبز المتبقية، ورفض أن يبرر له لماذا يفعل ذلك، وسأله من أين يأتي بالخبز، والى أين يذهب به وكيف يتصرف بالمتبقي منه؟ وشرح له محمد بالتفصيل كل ذلك، وعرض عليه أن يعمل معه في الكراج ليبيع الشاي، وينام هناك.
مرت الأيام، وسمع حسين الفيلي عن فتح باب القبول في كلية اللغات لدراسة الماجستير، ونصح محمد بأن يدرسا سوية، وتكفل له بكامل المبالغ التي يحتاجها، ومضت الأيام، وتخرج الصديقان، وصارا يدرسان في الجامعة، بينما تولى محمد العمل في إحدى الكليات المهمة في محافظة بعيدة بمنصب كبير، وكان محمد الجايجي كلما زار بغداد يمر على شارع الشيخ عمر يطلب من سائقه الخاص أن يتوقف عند بوابة الكراج لينزل من السيارة، ويسجد عند عتبة الباب..