بقلم : د. سمير عبيد ..
أولا:-
ظنَّ البعض ان فتح سوريا إلى التنظيمات المتطرفة والجهادية، والى الإسلام السياسي الإخواني هو تراجع عن المخطط الدولي الذي أنهى الإسلام السياسي والجهادي في المغرب العربي وشمال أفريقيا بحيث انتعشت تنظيمات الاخوان المسلمين في المنطقة هذين الأسبوعين .ومن الجانب الآخر انتعش الإسلام السياسي والجهادي في المشرق العربي والذي يتكون من ٨٥٪ من التنظيمات الشيعية . ونستطيع الجزم انها فرحة مؤقتة وزائلة. والمخطط الدولي لازال قائما ولا يمكن ان تبقى التنظيمات الإسلامية والجهادية بشقيها السني والشيعي في العالم الجديد الذي هو في حالة مخاض الآن وسيولد قريبا بلا ( حركات إسلام سياسي، ولا حركات جهادية ،ولا هيمنة للحركة الصهيونية، ولا سطوة للمرجعيات الدينية على الدول والشعوب وخصوصا في المشرق العربي)
ثانيا:-
فالقرار الدولي هو تجميع ماتبقى من التنظيمات الإسلامية المتطرفة والجهادية وحشرها في ( الكيس السوري ). اي سوف تنتهي تلك التنظيمات في سوريا من خلال انشطارها لعشرات التنظيمات بفعل استخبارات الدول الكبرى . ومن ثم تبدأ حرب الاخوة الاعداء فيما بينهم. ومن هناك يتم حصدها من الجو والأرض تحت شعار مطاردة داعش ( بحيث ستبقى تركيا مثل الاطرش بالزفة في سوريا) . ومن ثم سيبدأ سيناريو انهاء تلك التنظيمات الاخوانية والجهادية والسلفية في ليبيا ايضا. مثلما سينتهي الإسلام السياسي والجهادي الشيعي في العراق ومناطق اخرى. ومن يظن ويعتقد ان هؤلاء طلائع جيش الامام المهدي عليه السلام ولن يُقهروا فهو واهم (فهؤلاء ليسوا جيوش الامام المهدي اطلاقاً ) لان جيوش المهدي يمهدون إلى العدالة، والاخلاق الفاضلة، والزهد ،والدين المحمدي المعتدل، وجبر خواطر الفقراء والمحرومين، وتقوية لحمة المسلمين، ونشر المحبة ،وليسوا سراق الأراضي واصول الدول وبناء القصور ، وتأسيس البنوك والشركات والدويلات ، وعمليات التجميل لأنوفهم وكروشهم ،ويقيمون الليالي الحمراء( والتعميم قطعاً لا يجوز وهناك اقلية قليلة محترمة ولديها دين واخلاق وتواضع ولكنها مغلوب على امرها) !
ثالثا:
فقط الله تعالى يغلب التخطيط البريطاني .وان الولايات المتحدة لا شيء بدون التخطيط البريطاني .وان الولايات المتحدة ليس لها حليف استراتيجي وتاريخي في العالم غير بريطانيا. فالولايات المتحدة جندي مهووس بإمرة بريطانيا ان صح التعبير .وبريطانبا غضت الطرف عن التوغلات الإيرانية والتركية الكولونيالية غير المنصفة في التركة البريطانية. بحيث ظنت إيران وتركيا انهما بسطتا نفوذهما على دول وشعوب ولا يمكن لأي قوة بالعالم طردهما . اي هيمنتا على التركة البريطانية القديمة وهي ( العراق وسوريا والخليج وليبيا واليمن والكويت … الخ ). وهاهو القرار البريطاني الاميركي الغربي قد تبلور وأُمرت البنت المدللة اسرائيل لتكون راس الحربة من خلال مناغاتها انهم راضون على ولادة مشروع الشرق الاوسط الجديد ” إسرائيل الكبرى ” . وبالفعل بدأت المخطط في غزة ثم لبنان ثم سوريا. وسوف يأتي دور العراق واليمن. وفي الختام ستُجبر إيران على الانكفاء نحو الداخل. وتركيا سوف تغرق في المستنقع السوري ولعلها سوف تجد نفسها تطوف على بحر من الهزات السياسية والامنية والاقتصادية ومشاريع التفتيت داخل تركيا نفسها !
رابعا:-فنعود لعنوان المقال و” الكماشة”التي بدأت ملامحها في سوريا لتطويق وخنق التنظيمات الإسلامية والجهادية والإخوانية والمتطرفة والإرهابية !
١-فإسرائيل اخذت جبل العرب ، واسقطت اتفاقية عام ١٩٧٤ بين سوريا وإسرائيل .واخيراً توغلت في مناطق في محافظة القنيطرة وعينها على ضواحي درعا. وباتت مستعدة لدرعا ووصولا إلى السويداء ومن هناك الوصول للعاصمة دمشق فيما لو قررت خصوصا بعد ان أفرغت يد تلك التنظيمات من السلاح والطيران والصواريخ والطائرات التي كانت موجودة في سوريا ( اي دمرتها تماما)
٢- والولايات المتحدة 🇺🇸 أصطفت مع اكراد سوريا ” قسد” وتوغلت في دير الزور وفرضت واقعا جديدا .. وخلفها الجيش العراقي الذي اغلق الحدود تماما ” بتنسيق مع واشنطن والقوات الاميركية ” وتركت مسافة داخل الأراضي السورية واعتبرتها منطقة قتل في حالة الاقتراب من الحدود العراقية !
٣-ومن جهة الساحل السوري هناك محافظات لازالت متماسكة وهناك القوات والقواعد الروسية المنتشرة !
٤- ومن جهة لبنان هناك إسرائيل والقسم الاخر حزب الله والدولة اللبنانية التي تدحرجت في الحضن الاميركي “فباتت واشنطن مسؤولة عن الدولة اللبنانية”!
٥- وهنا قد رُسمت جغرافية ” الكماشة ” من الناحية الجيوسياسية والامنية وصار بداخلها جميع التنظيمات التي اسقطت نظام بشار ( ولولا هذا الطِعم لما سارعت كلها نحو الكماشة ) !
٦- تركيا هي الأخرى سوف تجد نفسها في وسط الكماشة بقادم الايام وسوف تضطر تركيا لتغليب كفة الاخوان المسلمين على جميع التنظيمات الاخرى ومن هنا تبدأ الفتنة .. ( وحينها سيلعب اردوغان السريع بالانقلاب على الحلفاء ليكون هو الاخر بالضد من تلك التنظيمات ليتخلص من شرّها ان لا تعود نحو الداخل التركي الذي سوف يصاب بالخواء والاحداث الجسام والمُخطَّط لها أصلا ) !
٧- وحينها سوف تتجسد لغة الموت في الداخل السوري بالنسبة لتلك التنظيمات الاخوانية والسلفية والجهادية وبقايا القاعدة وداعش . وسيكون شعار ( كلمن يموت بكروته) هو الشعار الوحيد في الساحة السورية !
خامسا:-
بريطانيا تحركت هذه الايام واستدعت امير قطر الشيخ تميم بهدف تحييده عن تركيا وإجراء القسم ان يكون تابعا للتاج البريطاني ويكون الأمير تمام بدرجة (لورد ) مثلما فعلت بريطانيا عام ٢٠١١ مع الأمير الكويتي الراحل صباح الاحمد الذي حمل لقب ( لورد ) وصارت الكويت منذ ذلك الحين تابعة للتاج البريطاني . وكذلك فعلت عام ٢٠١١ مع الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم التي منحته درجة ( لورد) وصارت دبي تابعة للتاج البريطاني . واخيراً في هذين اليومين سارعت السعودية للتفتيش عن موقع لها في التاج البريطاني وبالفعل وقعت اتفاقية استراتيجية بين الرياض ولندن هذين اليومين ( وهنا اصبحت السعودية وقطر ودبي وسلطنة عمان تابعة للتاج البريطاني ) باستثناء ابو ظبي التي تحالفت مع واشنطن وتل أبيب .اما البحرين فبريطانيا تقيم في البحرين أول قاعدة عسكرية لها بالشرق الأوسط منذ 43 عاماً. وتمنح القاعدة بريطانيا إشرافاً على الطرق التجارية البحرية الرئيسية المارة في منطقة الخليج. وتتسع القاعدة لنحو 500 فرد من طواقم سلاح البحرية الملكي.
وستسمح القاعدة للسفن البريطانية بالتدخل السريع في المنطقة، إضافة إلى توفيرها الدعم اللوجستي لأسطولها الخليجي.
الخلاصة :
سوريا لن تتقسم ، ولن تعطى لحكم التنظيمات الاخوانية والسلفية والجهادية .ولكن بعد فترة عصيبة جدا ثمنها الدماء والفوضى, وسوف يستتب فيها النظام فيما بعد ولصالح النخب والتيارات المدنية والعلمانية ان شاء الله !
سمير عبيد
١٠ ديسمبر ٢٠٢٤