بقلم : حسين الذكر ..
في التاريخ الموغل بالقدم السياسي حتى اليوم لم تتغير كثيرا سبل ترابط الاحداث في ما اصطلح عليه بالهلال الخصيب .. فحينما كان تحت السيطرة العثمانية – على سبيل المثال – خلال قرون خلت سبقت الحرب الكونية الأولى لم يشذ عن قاعدة التاريخ الأسبق ولا نريد الخوض با بعد من هذه النقطة التي تسمى بالتاريخ الحديث .
ما بعد العثمانيين مع تباشير الثورة العربية الكبرى التي تبين انها مجرد وسيلة لتنفيذ اتفاق سايكس بيكو التي تم بموجبها إعادة رسم الشرق الأوسط العربي للقرن العشرين .. ثم الحرب الثانية وما تلاها من حرب باردة .. وحرب الخليج الأولى والثانية والثالثة .. الى اليوم .. برغم تبدل العناوين الحاكمة والمرجعيات الموجهة والمتحكمة للسياسات النافذة بهذه المنطقة الا ان التاثير لا يصيب جزء دون غيره بمختلف التوجهات وليس الأمنية والعسكرية فحسب .. بل حتى الثقافية بابعادها العولمية التي لم تعد محصورة بالشعر والفن والصحافة .
حينما يحدث تغير في لبنان تتاثر فيه سوريا ثم العراق والعكس صحيح وان اختلفت نسب التاثير وزمكانيتها .. الا ان التوجه العام للقوى العظمى في التعاطي مع هذه البقعة ( الخصيبة ) قائم ومثر جدا . فما يجري وجرى لا يعد الا جزء من ترتيبات تندرج أهمها تحت عناوين منها :-
الأول : انها خطط معدة وتنفذ بالاتفاق مع القوى العظمى والإقليمية وفقا لميزان القوى والمصالح المشتركة وبما تقتضيه المصالح الاستراتيجية .
الثانية : ان شعوب المنطقة تستقبل ما يرجي كما ينزل المطر بعضهم مع والأخر ضد ونسب حيادية تنسجم مع كل واقع علما ان ردات الفعل الشعبية مع الاحداث الكبرى تقاس مع المعايير المصلحية الضيقة وقصيرة الأمد .
ثالثا : ان القوى العظمى تخطط وتنفذ وفقا للعقلية الاستراتيجة ولا تأخذ اذن من الشعوب لكنها تنسق مع قوى محلية لتبرير سياساتها واعطاؤها شرعية ما .
من هنا وبناء على خلفية تاريخية وتجارب حياتية وعقلية سياسية ينبغي على القوى العراقية بمختلف توجهاتها ان تعي الدرس السوري وكذا اللبناني الأخير .. وان تتعاطى مع الواقع وفقا للاستنباطات السياسة الحكيمة .. والتجرد قدر الإمكان من نرجسية المصالح الضيقة الكتلوية او المذهبية او القومية … وغيرها .
لا مناص من ( الوحدة السياسية المسؤولة ) التي تعي بان العراق للعراقيين جميعا حقا وحكما وحرية .. تقيم على ارض الواقع ولا تقاس في ما يطرح بالاعلام … وان يعوا تماما بان فتح أي ثغرة تبريرية طائفية او قومية ستلحق الضرر بالجميع .. وان يكون الوعي المجتمعي متصاعد الوتيرة منسجم مع تيار الحرص على المصالح الوطنية الكبرى .. اذا ما اردنا الإفادة من عقدين من زمن خلف لنا كم من التجارب ينبغي ان تتحول الى عقلنة ما توظف لصالح الاستراتيج الوطني قبل غيره .