بلاويكم نيوز

لا تحرقوا شجرة الميلاد

0

بقلم: فراس الغضبان الحمداني ..

لفت إنتباهي وأثار غضبي خطبة أحد مشايخ المسلمين في بغداد بعدم جواز شراء شجرة عيد الميلاد والإحتفال بالكرسميس ومولد نبي الله عيسى عليه السلام ، وجاء ذلك بعد أيام من قيام متشددين في سوريا بإحراق شجرة ميلاد كبيرة في بلدين هما مهد للحضارة الإنسانية وفيهما عاصمتين من أعرق العواصم وأقدمهما وأكثرهما أثراً في الثقافة الإنسانية والفكر والعلوم المختلفة هما دمشق وبغداد . ويحفل هذان البلدان بملايين المسيحيين من طوائف عدة كالأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت وطوائف كالكلدان والروم والأدفنتست وسواها عدا عن أثر حضاري ديني وعمراني وفكري عميق أنتجه هؤلاء عبر التاريخ وصار جزءاً حيوياً من ثقافة البلدين وإنتشر في أصقاع العالم عدا عن أن إبراهيم وهو أبو الأنبياء يعود أصله إلى الناصرية جنوب العراق بينما كان عيسى يتنقل بين أودية فلسطين وبلاد الشام داعياً إلى المحبة والسلام والتسامح والرضا وهو نبي معصوم ذكر في القرآن لمرات وذكرت والدته الطاهرة في سورة نزلت بإسمها مريم العذراء البتول .
تزينت المحال التجارية في بغداد والمحافظات الأخرى بأشجار الميلاد والزينة المختلفة وبالملابس الحمراء التي تشير إلى بابا نويل الذي يوزع الهدايا على الأطفال نهاية كل عام ميلادي وهو يجول في المدن والقرى والجبال الأودية متحملاً البرد والمطر والثلوج وقسوة الطبيعة ليصنع الفرح بينما تدق أجراس الكنائس معلنة العام الجديد والميلاد المجيد ويتجمع المؤمنون في المعابد والقاعات والساحات والكنائس لحضور قداس عيد الميلاد يتشاركون كل ذلك مع مواطني البلاد من الطوائف والأديان المختلفة الذين تعودوا أن يحتفلوا معهم ويشاركونهم الفرح والتمنيات بحياة أفضل وأكثر سعادة وكرامة وخير يعم الأرض ويساعد الفقراء والمرضى ليتجاوزوا محنهم ويأملوا بغد مشرق وجميل يملؤه الضوء والفرح .
في دول عربية ومسلمة عدة يحتفل المسيحيون بالميلاد المجيد وتزامن الإحتفال هذا العام مع سيطرة مجموعات مسلحة متشددة على السلطة في سوريا التي يقطنها ملايين المسيحيين في دمشق خاصة وحلب ثاني أكبر مدن البلاد حيث تطاول البعض على أسر مسيحية وقاموا بإحراق شجرة الميلاد التي إشتعلت فيها النيران بينما لم ينزعج الغرب من ذلك وعبر مواطنون مسلمون عن غضبهم وطالب الطرفان بملاحقة الجناة ومحاسبتهم والقصاص منهم وعدم السماح لهم بالتطاول على الأقليات وأتباع الديانات والطوائف والقوميات الأخرى التي تشكل نسيجاً ملوناً له وجود متجذر وهو ليس وليد اللحظة أو المرحلة الراهنة بل نتاج إجتهاد وعطاء تاريخي وبرغم إعلان القيادة السورية عن الإعتذار ومحاسبة المتورطين في الإعتداء لكن ذلك لا يكفي فالحادث تعبير عن التشدد والعدوانية المقيتة ومحاولة زرع الفتنة وتغيير الوقائع على الأرض بغير وجه حق الأمر الذي يتطلب جهداً إستثنائياً من الجميع في الدولة والمنظمات ورجال الفكر الذين تقع عليهم مسؤولية التنوير وتنظيف العقول من الركام والدرن الذي علق بها على مدى سنوات من التجهيل والتكفير الذي مارسته مجموعات تدعي الإلتزام بالدين والدفاع عنه وهي في الحقيقة لا تدافع سوى عن مصالحها القذرة وإرتباطاتها بإجهزة مخابرات أجنبية هدفها تدمير الدولة الوطنية بشعارات الإسلام وهو بريء منهم تماماً لأنهم يتصرفون وكأنهم حصلوا على الضوء الأخضر . Fialhmdany19572021@gam

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط