بقلم : حسين الذكر ..
هناك تجمع اغلبهم مصادفة بطريق عودتهم من شاطي البحر الذي كانوا فيه يتلاطمون .. غفوا ثم سهوا ونسوا ذاتهم .. اذ وجدوا جثة حورية عارية يكاد فيض نبضها يتلاشى مسرعا فيها بل اسرع من ازيز صوت الطائرة التي اخذت تهبط تحت انظار الخائبين ..
تجمعوا حولها كل يريد ان ينهش جزءاً من تلك الحورية مترامية الجمال الانثوي بجسد شهي مغرٍ جدا يسيل له لعاب أمثال هؤلاء الخائبين التائهين عن هداهم … المتوحدين لاشباع غرائزهم التي لم ينسوها على البحر او في المعابد او في المعامل او الموالد والمقابر ..
فيما اخذ يزأر سمعان ( هو احد رجالات السلطة المقربين لم تستطع التقلبات السلوطية ان تطيح بها برغم دورانها درجات مختلفة السرعة والكيفية ،اذ انه صاحب قدرة حرباوية عجيبة ساعدته على الانتظام والميع في وسط الزحام بكل شبقه المخبأ من عز السلطان الى ذلة الاقنان ..) … أراد ان ينتهش افضل قطعة او ليلة مع هذا الصيد الحوري المرتمي بعفوية تشبه موج البحر الذي لا يهدا .. صاح بالجموع ويلكم انها وليمة حاكم المدينة وقد رمتها السماء المتعالية هدية له .. وقد حباني الله ان أكون اول من يخبره ويقدمها على طبق من ذهب اليه ..
فيما كانت الحورية نائمة بلا حراك هانئة بعيدة عن انفاس شيطنة المتحاورين ..
قال احدهم :- ( ان للملوك حصصاً أرضية لم يعد لنا قدرة المنافسة عليها .. هذه الالتفاتة السماوية لا يمكن ان تكون لقمة سائغة لك ولسلطانك .. فدعك من هذه السخافات يا عديم السمع والذوق واترك لنا ، ما يحق لنا ان نلتهم جموعا وفرادا ) .
حدث تزاحم فحولي تناطحت به الرؤوس وتكسرت القرون لو لا رشقة موج عاتٍ اغرقتهم حد الصحو لحدث قتال لن يخمد دون إراقة دماء .. لم تصحوا الحورية الا حينما اقترب منها بهمان بخلسة لم ينتبه اليه احد .. اذ لم يعلموا كعادته المعهودة .. من اين يات ويحط ومتى يغادر هذا الرجل الهلامي اللعين .. هكذا قال احدهم ..مضيفا ..( ويحكم الحقوا به ان مسها او اسمعها من وحيه شيءً ما .. سوف لن ينال منها احد منكم) . زأر سمعان كانه لسع ، وصاح : ( ويحك يا ابن المنبوذين : أياك ان تقترب منها .. اني للسلطان عون وعيون مكين امين ..) .
فيما كانت العيون جاحظة والوجوه يخنقها الوجوم ويغيرها الشحوب .. حمل بهمان ذلك الجسد المسجى الذي اخذ يصغر ويصغر بين يديه حتى بدا لؤلؤة صغيرة .. تقدم نحو البحر وساعدته الأمواج المتعالية والاضواء الخافتة ليرميها بعيدا عن اعين المتقاتلين .. حتى احاطوا به من كل صوب وحدب .. كل يريد ان ينهش منه شيء ما يشفي به غله ويشبع فضوله .. فقال لهم ..( انها هناك في الأعماق حيث لا تفقهون ..مع حواري كثر تنتظر من يجيد سر الأعماق ، فهل فيكم من يمتلك قدرة الغوص البحري بعيد جدا جدا … عن شرر البر وشياطين سواحل البحر ) .. لم يكمل بهمان حكايته او اكذوبته .. حتى تفرق المجتمعون دون ان يجتمعوا على حكاية او موعد او حورية أخرى ..