بقلم : أياد السماوي …
في الجزء الأول من هذا المقال كنّا قد استعرضنا وإياكم بعض من أهم عيوب التأسيس التي رافقت تشكيل النظام السياسي القائم , ووقفنا عند بعض هذه العيوب التي أنتجت هذا النظام المشوّه والفاسد بكل شيء , وقلنا أنّ النكبّة الأكبر التي حلّت بالبلد بعد نكبة إسقاط الدولة ومؤسساتها بيد قوّات الاحتلال الأمريكي هي غياب الرؤية عن طبيعة وشكل النظام السياسي الذي سيحلّ محل النظام الديكتاتوري , عند كافة أحزاب المعارضة العراقية التي اجتمعت في لندن قبيل إسقاط نظام صدّام واحتلال البلد عام 2003 ببضعة أشهر , سوى الاتفاق على بعض العناوين العامة كالديمقراطية والفيدرالية وحقوق الإنسان .. وبسبب غياب هذه الرؤية عند الأحزاب الإسلامية وضبابيتها عند الأحزاب العلمانية , جاءت جميع هذه العناوين مشوّة وبعيدة عن جوهرها .. واستطيع القول أنّ الفوضى غير الخلّاقة هي العنوان الوحيد الذي حلّ محل هذه العناوين جميعا .. ومن الطبيعي والمنطقي في ظل هذه الفوضى وغياب العنوان الوطني الذي تشّظى إلى العناوين الطائفية والقومية , وانشغال القوى السياسية التي توّلت قيادة البلد بالتسابق فيما بينها في الاستحواذ على إدارة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية , أن تحصل هذه الاختراقات الخطيرة لمناصب الدولة العليا .. حيث لم تسلم أي مؤسسة من مؤسسات الدولة سواء كانت المدنية أو العسكرية أو الأمنية لمثل هذه الاختراقات .. ولعلّ الرئاسات الثلاث هي أخطر هذه المناصب العليا التي تعرّضت إلى الاختراق من قبل الجواسيس الذين جندّتهم المخابرات الدولية وكذلك تسلّل حزب البعث المجرم لهذه الرئاسات .. مقالنا لهذا اليوم سيكون مخصصا لاختراق حزب البعث المحظور لهذه الرئاسات من خلال رئيس مجلس النواب الحالي محمد ريكان الحلبوسي الذي توّلى رئاسة السلطة التشريعية في العراق ..
كنت ولا زلت أعتقد أنّ وصول أبن الرفيق ( ريكان حديد الحلبوسي ) الذي قدّمته قناة الشرقية الفضائية كعضو جديد في فريق برنامج ( الدهن الحر ) , هو أخطر الاختراقات التي حصلت في نظام ما بعد 2003 على الإطلاق , ليس لأنّه شاب نزق ومهوس بالنساء والخمر والقمار والليالي الحمراء فحسب , بل أنّ خطورة هذا الاختراق تتجسّد بتوّلي حزب البعث المحظور الذي ينتمي له الحلبوسي وأبيه وأعمامه وكلّ أسرته للسلطة التشريعية في العراق .. وهذا الاختراق الخطير مكّن حزب البعث المحظور من اختراق كافة مؤسسات الدولة العراقية ووزاراتها , وخصوصا وهذا الأخطر المؤسسة العسكرية والأمنية للبلد , فرئاسة أبن الرفيق للمؤسسة التشريعية قد أعادت حزب البعث المحظور إلى المواقع الحسّاسة في جميع أجهزة الدولة , ناهيك عن عمليات الفساد والصفقات الكبرى التي عقدها وأدارها أبن الرفيق مع كافة القوى السياسية .. والأنكى والأخطر من كلّ هذا أنّه استطاع أن يحقق نجاحا باهرا في اختراق العديد من القيادات الشيعية ويقيم معها العديد من صفقات الفساد , بل ونجح أيضا في اختراق العديد من المحافظين في محافظات الوسط والجنوب , بل وحتى في مسقط رأس السماوي نفسه كما تناهى إلى أسماعي للأسف الشديد .. إنّ مسؤولية هذا الاختراق الخطير وعودة حزب البعث المجرم إلى بعض المواقع الحسّاسة في المؤسسات العسكرية والأمنية وباقي مؤسسات الدولة , تتحمّله تحديدا القيادات الشيعية البائسة والفاسدة والغائبة عن الوعي بالدرجة الاولى , يليهم في المسؤولية هو الجارة إيران التي ساهمت مساهمة كبيرة في حصول هذا الخرق الخطير .. إنّ المخرج الوحيد لتصحيح هذا الاختراق الخطير هو منع حزب تقدّم الذي هو واجهة حزب البعث المجرم من خوض الانتخابات النيابية القادمة , ومنع كافة قيادات هذا الحزب من الترشيح لهذه الانتخابات خصوصا أنّ أغلبهم من المشمولين بقانون المساءلة والعدالة .. وأي تهاون في هذا الأمر فإن ذلك سيؤدي إلى عودة البعث إلى الحكم ومن باب الديمقراطية الواسع .. ختاما نقول لقادة أحزاب شيعة السلطة .. كفى فسادا وتنّبهوا لخطورة المرحلة القادمة .. لنا لقاء آخر مع الاختراق الخطير الثاني على مناصب الدولة العليا ..