بقلم : أياد السماوي …
لعلّ قرار المحكمة الاتحادية العليا في 28 / 04 / 2021 , بالعدول عن قراراتها السابقة الخاصة باستحصال موافقة مجلس النواب في جميع الجرائم التي يتّهم بها أعضاء مجلس النواب سواء كانت جرائم جنايات أو جنح أو مخالفات , وحصره فقط في الجنايات غير المشهودة .. يعتبر من أروع القرارات للمحكمة الاتحادية الجديدة في تفسير المادة 63 من الدستور الخاصة بحصانة النائب .. فبموجب هذا التفسير الجديد أصبح بالإمكان اتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي نائب متّهم بجناية مشهودة أو جنحة أو مخالفة , من دون الحاجة للحصول على موافقة مجلس النواب .. روعة هذا القرار إنّه جاء منسجما مع روح ما ذهب إليه المشرّع في المادة 63 من الدستور , فليس من المنطق ولا من الحكمة أن يضع المشرّع نصا دستوريا يحمي بموجبه النائب من ارتكاب الجنايات والجنح والمخالفات من العقوبات القانونية ويحجب هذه الحصانة عن رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو الوزراء .. ولعلّ تفسيرات المحكمة الاتحادية السابقة في موضوع حصانة النائب , قد ساهم بشكل كبير في انخراط عدد من النواب في صفقات الفساد مع الوزراء والمسؤولين الكبار في السلطة التنفيذية , خصوصا عندما تستخدم هذه الحصانة كورقة للمساومة والابتزاز من قبل رئيس المجلس .. فهذا القرار أتاح للقضاء العراقي ملاحقة جميع النواب الذين صدرت بحقهم أوامر اعتقال سابقة صادرة من القضاء ولم يتمّكن من إلقاء القبض عليهم بسبب الحصانة النيابية ..
المثير للسخرية أنّ بعض النواب الصادرة بحقهم أوامر قبض صادرة من القضاء العراقي تتعلّق باتهامات بالفساد والرشوة أو التسبب في ضياع المال العام عندما كانوا في مواقع المسؤولية .. أصبحوا يتسابقون بشكل مضحك ومخزي في كيل المديح لرئيس الوزراء كي لا يقوم بتنفيذ أوامر القبض الصادرة بحقهم من قبل القضاء العراقي .. وأنا اياد السماوي أقول لهؤلاء النواب جميعا ( طمّام عار اليطمكم ويطم رئيس الوزراء وياكم إذا لم ينفّفذ أوامر القبض الصادرة بحقكم واستجاب لمديحكم التافه ) .. فإذا كنتم أبرياء من هذه التّهم الموّجهة لكم فهذا لا يستوجب هذا المديح المضحك والسخيف , ومن المفترض أن تذهبوا للقضاء بأرجلكم وتثبتوا برائتكم أمام الرأي العام والشعب العراقي .. وكما قال المثل الشائع ( حرامي لا تصير .. من السلطان لا تخاف ) .. وبهذه المناسبة أتوّجه بأعطر التحايا لقضاة المحكمة الاتحادية العليا الشجعان الذين اتخذوا هذا القرار الصائب والصحيح , واسأل الله تعالى أن يأخذ بيدهم لتصحيح كافة التفسيرات الخاطئة , خصوصا تلك التفسيرات التي صدرت من المحكمة السابقة لأسباب سياسية نزولا عند رغبة الحاكم .. فمن المؤكد أن قرار حصر حصانة النواب في الجنايات غير المشهودة , سيساهم بشكل كبير في الحّد من ظاهرة انخراط النواب في صفقات الفساد , هذه الظاهرة التي حوّلت مهمّة النائب من الرقابة على أداء السلطة التنفيذية , إلى الانخراط في الفساد مع هذه السلطة .. وأتمنى على القضاء العراقي أن يمضي في هذا الاتجاه ويصدر أوامر القبض بحق رئيس مجلس النواب الحالي ( محمد ريكان الحلبوسي ) المتوّرط بعشرات ملّفات الفساد وبموجب اعترافات موّثقة رسميا عند القضاء العراقي ..