بقلم : أياد السماوي …
قبل سبع سنوات وتحديدا في منتصف حزيران عام 2014 , كانت داعش تقف على أبواب بغداد بعد أن احتلّت من غير قتال محافظة الموصل ثاني أكبر محافظات العراق سكانا بعد العاصمة بغداد وكافة المحافظات الغربية .. وما حدث في كابل يوم أمس على يد طالبان كاد أن يحصل في العراق في ذلك الوقت , لولا العناية الألهية وفتوى المرجع الأعلى علي السيستاني وقرار رئيس الوزراء نوري المالكي بتأسيس هيئة الحشد الشعبي .. ما حصل في أفغانستان يوم أمس هو تكرار لذات السيناريو الذي فشل في العراق قبل سبعة سنوات ونجح في أفغانستان وانتهى بسقوط حكومة كابل , وكما سقطت كابل يوم أمس بيد حركة طالبان أمام أنظار الإدارة الأمريكية ووزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون وبتواطئ واتفاق معها , ستسقط بغداد هذه المرّة وستعيد أمريكا ذات السيناريو الذي فشل قبل سبع سنوات وستسلّم بغداد من جديد لداعش كما سلّمت كابل لطالبان , لو انسحب الحشد الشعبي من المحافظات الغربية .. فالأمر لا يحتاج لأكثر من أسبوع واحد فقط لتسقط من جديد كافة محافظات الغرب العراقي بيد داعش وبدون قتال أيضا كما سقطت مدن أفغانستان الواحدة تلو الاخرى من غير قتال .. وكما سلّم الجيش الأفغاني المجّهز بأحدث الاسلحة والمعدّات الأمريكية والمدرّب على يد الخبراء والمستشارين الأمريكان منذ عشرين عاما وانسحب أمام طالبان بشكل مخجل , سينسحب أيضا جيش الكاظمي وجمعة عناد أمام داعش , إن انسحب الحشد الشعبي من المحافظات الغربية , وسيسلّم محافظوا الموصل والرمادي وصلاح الدين التابعين لمحمد الحلبوسي محافظاتهم إلى داعش كما سلّموها في عام 2014 وستعلن إمارة الغرب العراقي الإسلامية .. وحينها سيكون بايدن قد حقّق حلم إسرائيل بتقسيم العراق إلى ثلاثة دويلات بالتعاون والتنسيق مع داعش والحلبوسي الذي يستقتل من أجل تقسيم العراق ..
ولو كانت حكومة طالبان قد أخذت بتجربة العراق في الحشد الشعبي الضدّ النوعي لتنظيم داعش , وشكلّت جيشا مرادفا من الطاجيك والأوزبك والهزارة , الضدّ النوعي لطالبان وقامت بتسليحه بنصف معدّات الجيش الأفغاني , لماعادت طالبان من جديد ولما سقطت كابل بهذا الشكل المؤلم والمخزي .. لكنّ الخطأ الذي وقعت فيه حكومة كابل أنّها وثقت بعهود أمريكا بحماية النظام في أفغانستان وجعلها واحة للديمقراطية .. وقد يسأل سائل لماذا تخلّت أمريكا عن أفغانستان ولماذا سحبت جيشها قبل أن تتأكد من قدرات حكومة كابل بالدفاع عن نظامها السياسي ومواجهة طالبان ؟ وأين هي وعود أمريكا بحماية النظام الديمقراطي في افغانستان ؟ وماذا كانت تفعل خلال العشرين سنة الماضية ؟ وما هي العقيدة العسكرية التي درّبت الجيش الأفغاني عليها ؟ والأهمّ من كلّ هذا أيّ نظام سياسي في العالم موال لأمريكا حمته الإدارة الأمريكية من السقوط ودافعت عنه ؟ وهل لا زال السياسيون العراقيون بعد الذي حدث في أفغانستان يثقون بوعود أمريكا وتعهداتها ؟ وهل حان الوقت لطرد القوات الأمريكية ومستشاريها العسكريين من العراق ورفض أيّ وجود عسكري , عدا وجود الخبراء الذين لهم علاقة بالأسلحة الأمريكية المستخدمة في العراق ؟ وهل لا زال هنالك من يطالب بسحب قوات الحشد الشعبي من محافظات الغرب العراقي ؟؟ أم أنّ درس افغانستان بليغ ويوجب الحيطة والحذر والتهيؤ للغدر الأمريكي ؟؟ وليعلم الساسة العراقيون أنّ أمريكا لا شرف ولا عهد لها , ولن تحمي العراق ونظامه السياسي , ووجودها العسكري في العراق له هدف واحد لا غيره , هو التصدّي لإيران وفصائل المقاومة الإسلامية المعادية لإسرائيل وتمكين القوى السياسية العراقية المعادية إلى إيران والحشد الشعبي من حكم البلد وإدارته .. فلا سبيل أمام العراقيين غير الحفاظ على الحشد الشعبي وتسليحه بنفس معدّات الجيش العراقي من أسلحة ثقيلة ومتطورة .. فلا ضمانة للحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا غير ضمانة الحشد الشعبي .. ولتخرس كل الأصوات التي تصف ولاء هذا الحشد لغير العراق .. فحين يتضامن هذا الحشد مع المقاومة الإسلامية في سوريا أو لبنان أو اليمن ويقف مع إيران في صراعها مع أمريكا وإسرائيل , فهذا لن ينتقص من ولائه للعراق وشعبه ومقدساته ..