بقلم/ سرى العبيدي ✍️
ليس جديدا حكم الطغاة والمارقين والفاسدين والإنتهازيين ، وأصحاب مقاصد السوء ، والأطماع الرخيصة في هذا البلد القديم الذي تتحول أمجاده إلى مجرد ذكريات ، بينما حاضره فوضى وسرقات ، وتدخلات خارجية ، وإحتلالات ، وشذوذ يضرب نفوس البعض من أبنائه الذين يرون فيه مغنما ، وساحة للكسب المادي ، بينما يعبدون الخارج ، ويركعون تحت أقدام الطامعين والمستغلين والمتربصين ، وكل واحد من هولاء الأبناء يقدس معبودا خارجيا مرة بإسم الدين ، وأخرى بإسم القومية ، وثالثة بإسم اللبرالية والأفكار التقدمية وكأنهم لايملكون القدرة على الحلم ، ويستهويهم الخارج ، حتى وضعوا بقية الناس في دائرة اليأس ، فصاروا يتقبلون الشذوذ والتمرد والفوضى ، وحتى إستهواء الموت على أن يقبلوا بالواقع ألمر .
ماهو واقع العراق ؟
إسم دولة رزحت لقرون تحت حكم الخيول الجامحة لبني عثمان ، ثم ضيعها الإحتلال البريطاني ، وسلمها للفوضى والدكتاتوريات الحزبية والطائفية ، وحكم الفرد ، ثم إلى الإحتلال الأمريكي ، ومن بعده إلى فوضى وفساد ، ومجموعات مرتبطة بالخارج ، وآخر همها الوطن ، وما يعاني . فقد نذرته ليكون في خدمة الخارج ، ومصالح الخارج ، والأخطر : أن فئات من الشعب صارت مؤمنة تمام الإيمان بحتمية التبعية للخارج ، وإن ما يصدر من الخارج هو الحق المبين ، ومن أراد أن يصل الى مرضاة ربه إن كان من جماعة الدين ، أو ضميره ، أو هواه إن كان من جماعة التحرر ، فما عليه إلا أن يتحرر من وطنيته لحساب تبعيته . فالمشاكل والحروب والدكتاتوريات والضياع والتهميش عبر التاريخ جعلت الإنسان العراقي مجرد صاحب رغبة في تحقيق منجز فردي يغنيه عن وطن غائب ، أو مصادر لحساب مصالح الخارج المتربص .
حكومة جديدة مطلوب منها أن تحرر الإنسان من يأسه ، وإنفصام شخصيته ، وجوعه التاريخي ، وحرمانه وعذاباته ، وأن تعيد له الأمل ليشعر بإمكانية عودته إلى إنسانيته ، وكرامته وقدرته على العطاء . مطلوب منها أن تحرر العراق من تبعيته إلى الخارج ، وأن تعالج مرض الشيزوفرينيا الذي أصابه ، وجعله متعدد الأوجه والنوايا والأفكار ، متخبطا كسكير لا يهتدي إلى طريق . مطلوب منها أن تنهض بالإقتصاد ، وتخرج قوات الإحتلال ، وتوقف الفساد والفوضى ، وعصابات الجريمة المنظمة والمافيات والعداوات والخراب ، وأن تعيد تأهيل البنية التحتية المنهارة في القطاعات كافة .
أفعال تصل إلى مستوى المعجزات . فكيف يتسنى لحكومة تلاعبها أحزاب ماكرة أن تحقق ما يجعل تلك الأحزاب خارج الحسابات ، وهي المتنعمة بالمال الحرام والسلطة