بقلم : كاظم فنجان الحمامي …
حتى لو كنت أفضل الملاحين العاملين في عرض البحر، لن يسمحوا لك بدخول الكلية البحرية، لأنك من خريجي مركز التدريب البحري، الذي تعادل شهادته الاعدادية. لكن الغريب بالأمر ان دائرتك لن تمانع من السماح لك بالالتحاق بكلية القانون لنيل شهادة البكالوريوس في الحقوق بعد أربع سنوات من الدراسة (خارج اختصاصك)، لكنها لن تمنحك الموافقة للالتحاق بالكلية البحرية، ولن تسمح لك الاكاديمية ابدا ابدا بدخول كليتها. بينما ترحب بك اكاديميات الشرق والغرب وتضرب لك تعظيم سلام. .
مشكلتنا ان ربابنة البحار الناشفة، الذين ليست لديهم خدمة بحرية فعلية، هم الذين يقفون بوجهك، ويمنعونك من استكمال دراستك التخصصية في المجال الذي تنتمي اليه. .
العالم من حولنا يتقدم بخطوات متسارعة نحو التجديد والتطوير والتنوع، ونحن نتقهقر الى الخلف بدوافع نقابية ومزاجية وانتقائية. .
لا شك ان اصحاب العقول البحرية المشفرة، ومعظمهم من الفاشلين، هم الذين يضعون العراقيل في طريق الموهوبين، وفي طريق أصحاب المهارات الميدانية المشهودة. .
يحق لك ان تتوجه الآن إلى الإسكندرية، والتسجيل في كليتها البحرية اعتمادا على شهادة مركز التدريب المهني، وستقبلك الاكاديمية في مصر وتشجعك وتدعمك، وتهيئ لك ظروف التعليم والتدريب والتأهيل، وفي الامتحان يُكرم المرء أو يُهان، وانت ومجهودك في المذاكرة والمتابعة وخوض التجربة. لكنك لن تنال هذه الفرصة في العراق بسبب تعنت المعقدين والمشلولين فكرياً. .
كنا نتأمل خيراً بالهيئة البحرية العليا، لكنها ولدت ميتة بسبب مراوغات الإدارات الرافضة لتفعيلها. .
كانت الموانئ العراقية في الستينيات ترسل طلاب السادس الابتدائي الى بريطانيا لاخضاعهم للتدريب والتعليم في جامعات ليفربول وساوثهامتون، ليعودوا بعد بضعة اعوام وهم يحملون شهادة ضابط بحري أعالي البحار. . اما اليوم فغير مسموح لخريجي المركز بدخول الكلية البحرية في العراق يحملون شهادة السادس الاعدادي، ورغم ان قانون الاكاديمية نفسها ينص على قبولهم والترحيب بهم. .
وسيبقى الحال على ما هو عليه طالما ظل الفاشلون واصحاب النوايا السيئة يتحكمون بمستقبل ابناءنا.