بقلم : أياد السماوي …
أثار موضوع إنهاء تكليف السيد ( عبد الغني عجيل طاهر الأسدي ) من مهام إدارة رئاسة جهاز الأمن الوطني وتكليف السيد ( حميد رشيد فليح ساهي ) بمهام تسيير شؤون جهاز الأمن الوطني يوم أول أمس المصادف 31 / 10 / 2021 , لغطا كبيرا حول صلاحية حكومة ( مصطفى عبد اللطيف مشتت ) المستقيلة بموجب الدستور بإنهاء مهام السيد ( عبد الغني الأسدي ) وتكليف السيد ( حميد الشطري ) بديلا عنه .. وبغض النظر عن دوافع هذا القرار التي يراها كاتب هذا المقال أنّها جاءت على خلفية قيام جهاز الأمن الوطني باعتقال المبتّز الشهير ( صباح شري الكناني ) .. فهل يجوز لرئيس الحكومة الحالية ممارسة كامل صلاحياته الدستورية التي وردت في المادة ( 80 ) من الدستور العراقي ؟ فالمادة ( 64 / ثانيا ) قد نصّت على ( يدعو رئيس الجمهورية ، عند حل مجلس النواب ، إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل ، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً ، ويواصل تصريف الأمور اليومية ) , وبما أنّ مجلس النواب قد حلّ نفسه اعتبارا من 7 / 10 / 2021 بموجب قراره المؤرخ في 31 / 3 / 2021 , ففي هذه الحالة يعدّ مجلس الوزراء مستقيلا ويواصل تصريف أعماله اليومية .. وعندما تصبح الحكومة مستقيلة فإنّ صلاحيات مجلس الوزراء الواردة في المادة 80 من الدستور تصبح غير نافذة , فليس لمجلس الوزراء بعد حل مجلس النواب أيّ صلاحيات غير القيام بتسيير الأعمال اليومية للدولة , والمقصود بالأعمال اليومية هي تلك الأعمال غير القابلة للتأجيل .. فلا صلاحية أبدا لرئيس مجلس الوزراء أو أيّ من وزراء حكومته أو أمين عام مجلس الوزراء , القيام بتوقيع عقود استثمارية كالعقود التي كشف عنها وزير النفط ( إحسان عبد الجبار ) والتي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات مع الحكومة السعودية خلال حكومة تصريف الأعمال , أو إجراء أي تعيينات جديدة لأي من أصحاب الدرجات الخاصة والأجهزة الأمنية الواردة في المادة ( 80 / خامسا ) كالأوامر الديوانية التي انهت تكليف عبد الغني الأسدي وتكليف حميد الشطري محلّه ..
السؤال المطروح من هي الجهة التي تستطيع إيقاف الحكومة من المضي بهذه الخروقات الدستورية سيّما أنّ مجلس النواب الجديد لم يتشّكل بعد ؟؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال لا بدّ من تذكير القارئ بأن الدستور العراقي في المادة 27 / أولا قد أعطى حرمة للأموال العامة وأوجب على كلّ مواطن حمايتها .. لكنّ حماية أموال الدولة والقطاع العام قد جاءت في صلب مهام جهاز الادعاء العام وكما ورد في المادة 2 / أولا من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 , فحين يتصرّف وزير فاسد و لص كوزير النفط بمال عام الشعب العراقي ويوّقع عقودا بعشرات المليارات مع شركة أرامكو السعودية خلال حكومة تصريف الأعمال , فهذه جريمة لا يمكن الصمت عليها أبدا , ويتحمّل القضاء العراقي ممثلا بالادعاء العام مسؤولية إيقاف توقيع هذه العقود فورا , كما يتحمّل الادعاء العام العراقي مسؤولية إيقاف أيّ قرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء المنتهية صلاحياته الدستورية , كالقرار الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء يوم أمس القاضي بإنهاء تكليف عبد الغني الأسدي من مهام رئيس جهاز الأمن الوطني وتكليف حميد الشطري مكانه , فهذه الأوامر الديوانية لا تدخل في باب تسيير الأمور اليومية .. وعلى الادعاء العام إصدار أوامر ولائية تقضي بإيقاف هذه الخروقات استنادا إلى قانون الادعام العام رقم 49 لسنة 2017 المادة ( 7 / أولا ) والتي نصّت على (يتولى رئيس الادعاء العام اتخاذ الإجراءات التي تكفل تلافي خرق القانون او انتهاكه وفقا للقانون ) , وأيّ تقاعس من رئيس الادعاء العام في القيام بواجباته القانونية سيعتبر تواطئ منه مع هذه الحكومة الفاسدة .. وعلى القضاء العراقي الموّقر إنقاذ البلد من قرارات هذه العصابة التي تسلّطت على رقاب العراقيين ..