الكاتبة : سرى العبيدي ✍️🌹
من الفطنة وحسن التدبير أن نعترف أننا في إبتلاء عسير، وأس هذا البلاء هو أن البلاد قد أُبتُلِت, عقب سقوط نظام صدام , بجمهرة من الساسة يقولون ما لا يفعلون. فقد أكتشف الساسة أن إصدار التصريحات والشعارات البرَّاقة من البنود التي لا تخضع لضرائب أو رسوم. فكانت التصريحات البرَّاقة, أثناء الحملة الإنتخابية, شيء والممارسة بعدها نقيضه تماماً، كلام جيد وموضوعي يترك إنطباعاً طيباً يُقال بالنهار ثم يمحوه الليل وانتهي الأمر. وهذا سبب ونتيجة لغياب الرؤية والبرنامج وعدم الإكتراث لمصلحة البلاد. وحصل الكثير من الأقزام على مقاعد برلمانية ما كان يحلم بها. فأعتلوا ظهورنا بأمتيازات فلكية بينما يعاني الشعب من الخوف والجوع والمرض والفقر. ولأن كل هم الأقزام زهو السلطة وإمتيازات بلا مسؤولية, فليس بالضرورة إزالة الفقر والأمية وتحقيق التنمية وإستتباب الأمن. الأقزام آفة تنخر في الجسد السياسي لتمرير مخططاتها ببناء نظام سياسي غافل وكسيح. ومع أن العراقيين شعب على قدر عال من الوعي السياسي ، إلا أن كثير من الساسة المتقدمين لقيادته ليسوا إلا أقزام، والمفارقة أن العراق شعب عملاف يريد بعض الأقزام أن يقودوه!
ربما هي قلة الخبرة السياسية، وربما هي سليقة جبل عليها الكثيرين، وربما هي ثقافة مروثة من أزمنة غابرة، وربما هي من مستلزمات التمظهر بمظاهر القوة، وربما هي تنفيذ لأملاءات خارجية، وربما هي من علائم الفشل في تقدير الموقف السياسي، وربما هي خصلة التهور ، وربما هي شخصنة المواقف وإحالة الخاص الى العام، وربما هي سبيل للتغطية على مشكلات داخلية للأحزاب التي يمثلها الساسة المأزومين ـ أو ـ المتأزمين ، وربما هي كل ما تقدم مجتمعا أو بعضه على بعض، تلك هي الأسباب التي تدفع بعض الساسة العراقيين الى السير على طريق الأزمات ـ أوـ إنتاجها.. وهي حالة شاعت في الوسط السياسي العراقي كثيرا وطبعته بطابعها، وسببت في تعميق الإختلافات بين الساسة على صعيد شخصي وعلى صعيد حزبي…
ومن غريب الفعل أنه حتى في داخل المكون السياسي الواحد نجد أن التأزيم بات ـ لازمة العمل السياسي، وهو نابع أساسا من فقدا الثقة وإزدياد مساحة الشك …إن القاعدة الفطرية المفترضة أن الأصل هو اليقين والشك هو الأستثناء، لكن في السياسة عموما والعراقية منها خصوصا تنعكس القاعدة فيكون الأصل هو الشك واليقين إستثناء أو غير موجود على الإطلاق..فلا أحد يثق بأحد، وذلك هو أول طريق إنتاج الأزمة…