بقلم المهندس حيدر عبدالجبار البطاط :-
بدأ الهجوم على ستالينغراد في صيف 1942، حيث سبق سلاح الجو الألماني وصول القوات البرية منفذا حملات قصف جوي عنيف ومتواصل حولت المدينة إلى أنقاض وأطلال.
ثلكن ذلك انعكس بعدها سلبا على الجيش الألماني وأرغمه على التخلي عن تكتيكه الناجح الـ”Blitzkrieg” أو حرب البرق الذي يعتمد بصفة كبيرة على سلاح الدبابات والهجومات السريعة الخاطفة، ليجد نفسه غارقا في حرب مدن من بيت لبيت ومن شارع لشارع.
داخل المدينة احتدم القتال العنيف بين الفيرماخت والجيش الأحمر، وسط قلة اعتبار لسقوط الضحايا سواء عسكريين أومدنيين، فقد أعطى اسم “ستالينغراد” للمعركة أهمية بالغة واستثنائية عند كل من جوزيف ستالين الذي تحمل المدينة اسمه و نظيره الألماني أدولف هتلر، فكان من المستحيل أن يقبلا الخسارة فيها مهما كلفهما الأمر.
على الرغم من تمكن الألمان من إخضاع كامل المدينة تقريبا بعد مقاومة شديدة واجهوها من السوفيات، إلا أنهم فشلوا في كسر آخر الخطوط الدفاعية للجيش الأحمر الذي تمسكت قواته بالضفة الغربية لنهر الفولغا.
في 19 نوفمبر 1942، بدأ السوفيات حملة عسكرية أطلقوا عليها «عملية أورانوس». شن الجيش الأحمر هجومين متزامنين ضد مواقع القوات الرومانية التي تحمي الجناحين الأيمن والأيسر للجيش السادس الألماني المتواجد داخل المدينة.
كانت هذه القوات ضعيفة مقارنة بنظيرتها الألمانية فانهارت بسرعة بعد معارك عنيفة مع السوفيات الذين تمكنوا في 23 نوفمبر من محاصرة وتطويق حوالي 250,000 من قوات الجيش السادس والفيلق 4 التابع للجيش الرابع بانزال داخل المدينة.
بحلول الشتاء، ومع تواصل الحصار بدأت المقاومة الألمانية تضعف، فقد تسبب البرد والجوع في إنهاك الجنود، وتعطلت الآليات والمدرعات لقلة الوقود، إضافة إلى نقص الذخيرة، في وقت اشتدت الهجمات السوفياتية التي تريد إنهاء وجودهم.
ازداد الأمر سوءا برفض هتلر قيام الجيش السادس بكسر الحصار والخروج من ستالينغراد حيث أمرهم بالبقاء مهما كلفهم الثمن مع ضمان مواصلة تزويدهم بالإمدادات عن طريق جسر جوي، وقيام القوات الأخرى بهجوم مضاد لكسر الحصار وتوحيد القوات.
لكن ذلك لم ينجح بعدما فشل الهجوم الألماني المضاد «عملية عاصفة الشتاء» في الوصول إلى ستالينغراد، وعجز عمليات التموين بالجو عن نقل كميات كافية من المؤن والذخيرة لتغطية حاجيات الجيش، ثم توقفها الكلي بعد احتلال الجيش الأحمر للمطارات التي تستعملها القوات الألمانية سواء التي داخل المدينة أو القريبة منها.
قاد كل ذلك للانهيار التام للجيش الألماني السادس الذي اضطر قائده فريدريك باولوس للاستسلام في 2 فبراير 1943 ومعه أغلب قوات الجيش السادس رغم مواصلة البعض الآخر القتال إلى أن تم تصفيتهم.
بلغت الخسائر البشرية في معركة ستالينغراد حوالي 2 مليون ضحية، ما يصنفها كإحدى أكبر المعارك دموية في تاريخ الحروب.
الجيش الألماني تعرض لثاني أكبر خسارة له في الحرب العالمية الثانية، والتي كان لها الدور الأكبر في تحول مجرى الحرب العالمية الثانية فلم يستعد النازيون قوتهم السابقة ولم يحققوا بعدها أي انتصار استراتيجي في الشرق.