بقلم : أياد السماوي …
كلّ شيء كان معدّا سلفا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية , فالسيناريو المرسوم كان يقضي بعقد الجلسة من دون تحقق النصاب القانوني البالغ 220 نائبا والمضي بنصاب النصف زائد واحد , ومن ثم الشروع بإجراء الاقتراع الأول والتصويت على المرّشحين لمنصب الرئيس , ولعدم حصول أيٌ من المرشحين على أغلبية الثلثين المطلوبة , سيعلن رئيساً من يحصل على أكثرية الأصوات في الاقتراع الثاني .. وبعدها بخمسة دقائق فقط وليس أكثر , يقوم الرئيس المنتخب بتسليم كتاب التكليف لمرّشح التحالف الثلاثي , وبعد ذلك ينتهي العرس وتبدأ برقيات التهاني تنهال على الرئيس المنتخب ورئيس الوزراء المكلّف من رؤساء الدول الكبرى وممثل الأمين العام للأمم المتحدّة بلاسخارت وقادة دول الخليج والرئيس التركي .. لكنّ رياح المحكمة الاتحادية العليا جاءت بما لا تشتهي سفن التحالف الثلاثي , حيث أصدرت المحكمة قرارها الحاسم في تفسير المادة 70 / أولا من الدستور العراقي بشأن تحقق النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية , وأعلنت أن النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية يتحقق بحضور ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب الكلّي ..
وقد يتصوّر البعض أنّ قرار المحكمة الاتحادية العليا المتعلّق بتفسير المادة 70 / أولا من الدستور , هو مجرّد قرار عابر لتفسير مادة دستورية واضحة ولا تحتاج أصلا للتفسير .. نعم هذا الكلام صحيح والمادة الدستورية واضحة فعلا ولا تحتاج إلى تفسير , لكنّ الأمر غير الواضح بالنسبة للعامة هو المؤامرة التي كانت معدّة سلفا من قبل التحالف الثلاثي للالتفاف على الدستور ووضع الجميع بما فيها المحكمة الاتحادية العليا أمام الأمر الواقع , خصوصا بعد أن تنهال برقيات التهاني من الرئيس الأمريكي والفرنسي ورئيس وزراء بريطانيا ومجلس الأمن وقادة دول الخليج , حينها ستكون المحكمة عاجزة عن إصدار أي قرار أو حكم يلغي مخرجات هذه الجلسة غير الدستورية , وما تمّ اليوم هو وئد المؤامرة التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التمرير .. وبعد صدور هذا القرار المهم لم يعد أمام التحالف الثلاثي غير التوافق مع الآخرين على رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء , وإلا فإنّ الثلث المعطّل يكفي ليس فقط لعرقلة انتخاب رئيس الجمهورية , بل لعرقلة العملية السياسية برّمتها , وبدون هذا التوافق فإنّ قوى الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني والمعترضين الآخرين على ترشيح مرّشح التحالف الثلاثي , قادرين وبسهولة بعد قرار اليوم لقلب الطاولة على التحالف الثلاثي .. وباختصار شديد وبالقلم العريض أنّ قرار المحكمة الاتحادية العليا هو إنذار للمتخاصمين بالذهاب للتوافق وترك الأحقاد الشخصية جانبا وتغليب مصلحة البلد والشعب على كلّ المصالح الحزبية والشخصية وجعلها فوق الأحقاد والضغائن ..
أياد السماوي
في 03 / 02 / 2022