بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
لا شك ان اختلافنا لا يلغي إنسانيتنا، ولعل أبرز ما يميزنا هو تفاعلنا مع الأزمات الإنسانية حيثما وقعت في شتى أرجاء كوكب الأرض، لكن اللافت للنظر ان ردود أفعال المنظمات الدولية في التعامل مع أزمة النازحين في أوكرانيا اختلفت تماما عن تعاملها مع الازمات الأعنف منها في العراق والسودان وسوريا واليمن وليبيا ولبنان وفي أماكن أخرى من العالم. .
فقد كشفت الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا منذ بضعة أيام عن جوانب مسيئة، أثارت الكثير من الجدل على مواقع التواصل، وكشفت عن مواقف عنصرية لمنظمات طالبت بفتح أبواب أوروبا أمام اللاجئين الأوكرانيين شريطة ان لا يكون التعامل معهم بنفس الطريقة التي تعاملوا بها مع النازحين العراقيين أو السوريين. وقال مراسل شبكة CBS الأمريكية (شارلي داجاتا): إنه لا يمكن مقارنة غزو أوكرانيا بالحرب في العراق أو أفغانستان، لأن حرب أوكرانيا أكثر تحضراً، وشعبها شعب أوروبي. فأوكرانيا من وجهة نظره متحضرة نسبياً وأوروبية، ولا يسمح هذا المراسل بالتعامل معها بالطريقة التي انتهجتها قوات التحالف في التعامل مع العراقيين في ساحة النسور، في حين رفعت منظمة الأمم المتحدة عقيرتها بالبكاء والنواح والصراخ لمطالبة روسيا بالسماح لها بإيصال المساعدات الإنسانية اللازمة للمدنيين في أوكرانيا. بينما اختفى صوتها، ولم تذرف دمعة واحدة على السوريين القابعين تحت رحمة الثلوج الكثيفة والأمطار المتجمدة، حيث انهارت خيامهم فوق رؤوسهم، من دون ان تفزع لهم الأمم المتحدة، ومن دون يبكيهم احد. وتتعرض عشرات العوائل الفلسطينية في حي الشيخ جراح بالقدس للتهديد بالطرد من منازلهم. في الوقت الذي يتفاخر (زيلنيسكي) نفسه بتغريدة كتبها في العام الماضي يدعم فيها إسرائيل في حربها على قطاع عزة، بينما يتفاعل الفلسطينيون اليوم مع الأزمة الاوكرانية، ولسان حالهم يقول: (عشنا الحرب ونعرف وجعها). .
ختاماً: لا يمكن لأي سياسي ان يصبح ناضجاً بمعنى الكلمة من غير ان يصير قبل ذلك إنساناً بمعنى الكلمة. .